سيفه، وميسرة بن مسروق العبسي عن يساره، قال: وكان خالد رجلا طويلا مهيبا جميلا لا ينظر إليه أحد من الناس إلا هابه.
قال فأقبل حتى إذا دنا من ماهان قام إليه ماهان فقربه وأدناه وأجلسه إلى جنبه، وجلس ميسرة بن مسروق إلى جانب خالد فقال ماهان: من هذا الذي أراه معك؟
قال خالد: هو بعض إخواني جئت به معي أستشيره في أمري.
قال: فكلمه ماهان بلسان عربي فصيح مبين (1)، قال (2): يا خالد! إني إنما اخترتك من أصحابك لأنك من ذوي الأحساب فيما بلغني، وإن لك عقلا كاملا والعاقل ينتفع بكلامه ويوثق بعهده، فقال خالد: إن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا في بعض أخباره أن حسب الرجل دينه ومن لا دين له لا حسب له، وأما قولك إني قد أوتيت عقلا كاملا، فان المنة والطول لله عز وجل علينا بذلك وهو المحمود عندنا وقد خبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وآله أنه ما خلق الله عز وجل شيئا هو أحب إليه من العقل، وبالعقل تنال طاعة الله عز وجل وبه يدخل أهل الجنة الجنة، ومن لا عقل له فلا وفاء له.
قال: فقال له ماهان: يا خالد! أنت بهذا عندي أعقل الناس، (3) لا يتكلم بهذا الكلام ولا يفطن له إلا كل كامل العقل، فكيف جئت بهذا الرجل تريد أن تستشيره في الأمر؟ فقال له خالد: لا تعجب من ذلك، ففي عسكرنا أكثر من ألف (4) رجل لا يستغني عن رأيه ومشورته، فقال ماهان: ما كنا نظن أن ذلك يكون عندكم، قال خالد: ليس كلما تظنونه ونظنه صوابا، فقال ماهان: صدقت يا خالد!
وإني أول ما أكلمك به إني أدعوك إلى خلتي ومصافاتي، قال خالد: وكيف يتفق ذلك وبيني وبينك الحرب وقد جمعتني وإياك بلدة؟ ولا بد من القتال عليها أمدا أو تصير إلى أحدنا! فقال ماهان: صدقت! ولكن عسى الله أن يصلح ذات بيننا فلا يراق بيننا دم ولا يقتل بيننا أحد، قال خالد: إن شاء الله أن يفعل ذلك فعلا. قال