عز وجل على العرب وظفرنا بهم حمدت الله سبحانه وتعالى على ذلك إذا أعز دينك ومنع سلطانك، وإن هم ظهروا علينا فارض بقضاء الله وقدره واعلم أن الدنيا كما زالت عمن كان قبلك فإنها تزول عنك فلا تأسفن منها على ما فاتك والحق بدار ملكك ومعقلك وأحسن إلى رعيتك يحسن الله إليك وارحم الضعفاء والمساكين وتواضع لله عز وجل وإياك والتكبر في الأرض فإن الله لا يحب المتكبرين.
قال فبعث هرقل أمواله وحريمه وكل ما يعز عليه إلى القسطنطينية، وجعل يتجسس أمر العرب ويكتب إلى وزيره ويحرضه على القتال ويوصيه بأمر أصحابه من الروم ويذكرهم ما مضى لهم مع العرب من الوقائع الأول ويقول لهم إن أنتم هزمتم منهم فلن تسكنوا الشام بعدها واحذروا أن تبغوا على ضعفائكم بظلم، واعلموا أن النصر مع الصبر وأن العاقبة لأهل الدين القديم، وأنا أقسم بما أعتقده أن العرب إنما [لم] ينصروا إلا بما أظهرتم من القبائح والمظالم، ولو تبصرتم لعلمتم أنما خذلكم سوء أعمالكم لا غير.
قال: فلما بلغ ذلك إلى وزيره ماهان أخذ في تعبية جيشه، ولما فرغ ماهان من تعبية الجيش وقد رتب طلائعه (1) ودراجته ثم أمر له بمضرب، فضرب له على كثيب عال إلى جانب اليرموك يشرف منه على عسكره وعسكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوقف عن يمينه ألفي فارس من حماة الروم في سوابغ السلاح وألفي فارس عن يساره وعليهم الديباج الأحمر المنسوج بالذهب لا يرى منهم إلا حماليق الحدق وهم أصحاب السرير، وأمرهم باليقظة وقال لهم: إني قد كدت العرب بهذه الفعال لأنكم على أهبة، فإذا طلعت الشمس ورأيتم المسلمين على غير أهبة وتعبية الحرب فاحملوا عليهم من كل جانب ومكان.
قال: حدثني جعال بن أسيد السكاسكي عن أبيه أسيد بن علقمة (2) وكان من أصحاب عياض بن غنم الفهري (3) قال: لما رأيت ماهان قد عبى أصحابه وعسكره