وقد أوقف الناس في الميمنة والميسرة فأوصاهم وعهد إليهم ثم قال: أيها الناس!
انظروا إذا سمعتم تكبيري فاعلموا أني حملت فاحملوا واذكروا الله وقولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال الناس: سمعنا وأطعنا فاحمل إذا شئت يرحمك الله! قال:
فعندها حسر خالد عن رأسه، وكانت علامته إذا أراد أن يحمل قال: الله أكبر الله أكبر، الله أخرجهم لكم من ديارهم وحصونهم، شدوا عليهم على بركة [الله] وعونه، ثم حمل وحمل الناس معه بأجمعهم على عساكر الروم ورفعوا أصواتهم بالتكبير، فانكشفت الروم من بين أيديهم، وأخذهم السيف فقتل منهم في هذه الحملة نيف على سبعة آلاف، منهم ألفا بطريق أو يزيدون وخمسة آلاف تابع ما فيهم إلا فارس مقنع بالحديد أو راجل ذو بأس شديد، وقتل من المسلمين بضعة عشر رجلا: أربعة من المهاجرين وسبعة من الأنصار وستة من التابعين.
قال: وتبعهم المسلمون فاستأسروا منهم خلقا كثيرا فقتلوهم بالسيف صبرا واحتووا على غنائم لهم كثيرة، فأخذها أبو عبيدة وأخرج منها الخمس وقسم باقي الغنائم على المسلمين.
قال: ومرت الروم على وجوهها عباديد مشردين في البلاد، فمنهم من صار إلى فحل وهي مدينة مطلة على موضع من بلد الأردن يقال له (الأهوية (1)) والماء يجري من تحتها، فتحصنت الروم بفحل، ومر الباقون على وجوههم مشردين، فمنهم من صار إلى هرقل ملك الروم ومنهم من صار إلى حصون الشام فتحصنوا فيها.
قال: فبعث أبو عبيدة بالخمس إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكتب إليه (2): بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عمر أمير المؤمنين من عامر بن الجراح، سلام عليك! أما بعد فإني أخبر أمير المؤمنين - أسعده الله - (3) بأنا التقينا نحن وأعداؤنا من الروم بموضع من بلد الأردن يقال له: فحل، وقد جمعوا لنا الجموع العظام وجاؤونا من رؤوس الجبال وسواحل البحار في نيف على ستين ألفا