كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ١ - الصفحة ١٥٥
من كل ناحية فصار سعد في جمع عظيم، وبلغ ذلك يزدجرد ابن هرمز ملك الفرس فوجه إلى سعد بن أبي وقاص يسأله أن يوجه إليه بجماعة من أصحابه يسألهم عما يريد (1).
قال: فدعا سعد بن أبي وقاص بهؤلاء العشرة من أصحابه منهم عمرو بن معد يكرب الزبيدي، وطليحة بن خويلد الأسدي، وجرير بن عبد الله البجلي، والمغيرة بن شعبة الثقفي، وعاصم بن عمرو التميمي، وشرحبيل بن السمط الكندي، والمنذر بن حسان الضبي، وفرات بن حيان العجلي وإبراهيم بن حارثة الشيباني (2)، فقال لهم سعد: إن هذا الكافر بعث إلي يسألني أن أوجه بقوم منكم يسألهم عما يريد، فسيروا إليه وانظروا ما قدم عزم عليه، فلعله أن يجيب إلى دين الاسلام فنكفي حربه.
فسار القوم حتى صاروا إلى الفرات، ثم عبروا الفرات وساروا حتى صاروا إلى الدجلة، فقعدوا في الزوارق وعبروا إلى ناحية يزدجرد، وهو يومئذ بالمدائن (3) وبها قصره، فوقف القوم على بابه ثم استأذنوا عليه فأذن لهم، فدخلوا عليه فإذا هو جالس على سرير له من العاج والابنوس صغير، والملوك وأبناء الملوك عن يمينه وشماله على الكراسي، وقد كان قبل أن تدخل العرب عليه يشرب خمرا، فلما رأى العرب من بعيد أمر بالشراب فرفع، وقدم المسلمون حتى وقفوا بين يديه، فأمرهم بالجلوس فجلس منهم تسعة وظفر المغيرة بن شعبة فقعد معه (4) على السرير، قال: فلما جلس المغيرة وكان رجلا جسيما مال السرير حتى كاد أن يقع يزدجرد من سريره، فصار المغيرة في وسط السرير ويزدجرد عن يساره، قال: فغضب يزدجرد واغتاظ

(١) في الطبري ٣ / ٤٩٥ وابن الأثير ٢ / ١٠٠ أن عمر - بعد أن بلغته أخبار حشود فارس - كتب إلى سعد: لا يكربنك ما يأتيك عنهم واستعن بالله وتوكل عليه وابعث إليه رجالا من أهل المناظرة (المنظرة) والرأي والجلد يدعونه، فإن الله جاعل دعاءهم توهينا لهم.
(٢) في الأسماء التي أرسلت إلى رستم اختلاف: الطبري ٣ / ٤٩٦ ابن الأثير ٢ / ١٠١ البداية والنهاية ٧ / 38 فتوح البلدان ص 257.
(3) المدائن: سبع مدائن بين كل مدينة إلى الأخرى مسافة قريبة أو بعيدة. بالفارسية توسفون افتتحها سعد سنة 16. (معجم البلدان).
(4) أنه قعد مع رستم وليس مع يزدجرد. (فتوح البلدان - وفي رواية الطبري عن أبي وائل. وفي رواية فكالأصل.)
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست