من كل ناحية فصار سعد في جمع عظيم، وبلغ ذلك يزدجرد ابن هرمز ملك الفرس فوجه إلى سعد بن أبي وقاص يسأله أن يوجه إليه بجماعة من أصحابه يسألهم عما يريد (1).
قال: فدعا سعد بن أبي وقاص بهؤلاء العشرة من أصحابه منهم عمرو بن معد يكرب الزبيدي، وطليحة بن خويلد الأسدي، وجرير بن عبد الله البجلي، والمغيرة بن شعبة الثقفي، وعاصم بن عمرو التميمي، وشرحبيل بن السمط الكندي، والمنذر بن حسان الضبي، وفرات بن حيان العجلي وإبراهيم بن حارثة الشيباني (2)، فقال لهم سعد: إن هذا الكافر بعث إلي يسألني أن أوجه بقوم منكم يسألهم عما يريد، فسيروا إليه وانظروا ما قدم عزم عليه، فلعله أن يجيب إلى دين الاسلام فنكفي حربه.
فسار القوم حتى صاروا إلى الفرات، ثم عبروا الفرات وساروا حتى صاروا إلى الدجلة، فقعدوا في الزوارق وعبروا إلى ناحية يزدجرد، وهو يومئذ بالمدائن (3) وبها قصره، فوقف القوم على بابه ثم استأذنوا عليه فأذن لهم، فدخلوا عليه فإذا هو جالس على سرير له من العاج والابنوس صغير، والملوك وأبناء الملوك عن يمينه وشماله على الكراسي، وقد كان قبل أن تدخل العرب عليه يشرب خمرا، فلما رأى العرب من بعيد أمر بالشراب فرفع، وقدم المسلمون حتى وقفوا بين يديه، فأمرهم بالجلوس فجلس منهم تسعة وظفر المغيرة بن شعبة فقعد معه (4) على السرير، قال: فلما جلس المغيرة وكان رجلا جسيما مال السرير حتى كاد أن يقع يزدجرد من سريره، فصار المغيرة في وسط السرير ويزدجرد عن يساره، قال: فغضب يزدجرد واغتاظ