يد وهم صاغرون، فإن كرهوا أن يؤمنوا وأبوا أن يؤدوا الجزية فقاتلوهم، فإن قتيلكم المحتسب بنفسه شهيد في جنان النعيم. وقتيل عدوكم في النار والعذاب الأليم، فإن صدقتم يا رومي بما سمعتم وقبلتم ما أعلمتم فحظكم أصبتم والخير أريد بكم، وإن كرهتم ذلك وأدبرتم عنه وكذبتم فابرزوا إلينا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.
قال: فقال الرومي: وقد أبيتم إلا هذا؟ قال أبو عبيدة: نعم، قد أبينا إلا ما سمعت، وما عندنا غيره، فاعمل أنت وأصحابك على ذلك (1).
قال: فولى الرومي من بين يدي أبي عبيدة وهو يقول: اللهم أشهد على هؤلاء القوم وانتقم لنا منهم! فانا قد أنصفناهم وأعطيناهم الحق وزدناهم فأبوا ذلك، اللهم انصرنا عليهم! قال: فصاح به بعض المسلمين أيها العلج! وما دعاء الكافرين إلا في ضلال.
قال: فمضى الرومي وخبرهم بما كان من كلامه وكلام أبي عبيدة بن الجراح.
فلما كان من غد زحف الروم نحو المسلمين في ستين ألفا أو يزيدون، وعزم أبو عبيدة على حربهم ومناجزتهم، ثم دعا فيجا (2) سريعا من أنباط أهل الشام وقال له: انظر إذا دفعت إليك كتابي هذا فأسرع حتى تأتي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فادفعه إليه، ثم كتب أبو عبيدة من ساعته كتابا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه (3): بسم الله الرحمن الرحيم، لعبد الله عمر أمير المؤمنين، من عامله عامر بن الجراح، سلام عليك! أما بعد فإني أخبرك أن الروم قد أقبلت إلينا ونزل أكثرهم بساحتنا وهم نزول بأرض يقال لها فحل وقد سارع أهل البلد ومن كان على دينهم من العرب المتنصرة، وكتبت إليك كتابي هذا حين نهضت إليهم وسرت لقتالهم متوكلا على الله، راضيا بقضائه، واثقا بنصره، راجيا لأحسن ما عودنا، ونحن نسأل الله عز وجل أن يكفينا وإياك يا أمير المؤمنين حسد كل حاسد وكيد كل