اجتمعوا بأرض العراق فهالهم ذلك ورعبهم وأشفقوا على أنفسهم، فجعلوا يجمعون الجموع ويستمدون من يليهم من نصارى العرب حتى صاروا في ثمانين ألفا من النصرانية. قال: وبلغ ذلك أبا عبيدة بن الجراح وهو يومئذ مقيم بمدينة دمشق فدعا بعمرو بن العاص فضم إليه سبعة آلاف فارس وأرسله إلى الروم، واتبعه يزيد بن أبي سفيان في سبعة آلاف فارس، واتبعه شرحبيل بن حسنة في ستة آلاف فارس، فذلك عشرون ألفا.
قال: والروم يومئذ بموضع يقال له فحل (1)، فلما نظروا إلى عساكر المسلمين قد وافتهم في عشرين ألفا (2) كتبوا إلى هرقل ملك الروم بذلك وسألوه المدد، قال:
فوجه إليهم هرقل بصليبين وبطريقين في عشرين ألفا، فصارت الروم في مائة ألف، وكتب عمرو بن العاص إلى أبي عبيدة يخبره بذلك (3)، فأقبل أبو عبيدة على خالد بن الوليد رضي الله عنهما فقال له: أبا سليمان! هذا كتاب عمرو بن العاص قد ورد علينا يخبر أن الروم قد اجتمعوا بأرض فلسطين في ثمانين ألفا وهؤلاء جواسيسنا من أنباط الشام قد جاءوا إلي خبروني أن أهل بعلبك في عشرين ألفا، فما الرأي عندك؟
فقال: إذا أخبرك أيها الأمير! أما فلسطين فقد علمت أن عمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة في وجوههم في عشرين ألفا، فاكتب إليهم أن لا تعجلوا محاربة القوم حتى أنا أمضي إلى بعلبك فأكفهم إن شاء الله، فإذا فرغت من أمرهم صرت إلى فلسطين فأعنت المسلمين على قتال عدوهم، فقال أبو عبيدة:
نعم ما رأيت أبا سليمان!
قال: ثم كتب أبو عبيدة إلى عمرو بن العاص ومن معه من المسلمين بأرض