الذي في أنفسهم (فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك، تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت): أي إعظاما له وفرقا منه (فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد): أي في القول بما لا تحبون، لانهم لا يرجون آخرة، ولا تحملهم حسبة، فهم يهابون الموت هيبة من لا يرجو ما بعده.
قال ابن هشام: سلقوكم: بالغوا فيكم بالكلام، فأحرقوكم وآذوكم.
تقول العرب: خطيب سلاق، وخطيب مسلق ومسلاق. قال أعشى بنى قيس بن ثعلبة:
فيهم المجد والسماحة، والنجدة فيهم، والخاطب السلاق وهذا البيت في قصيدة له.
(يحسبون الأحزاب لم يذهبوا) قريش وغطفان (وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بأدون في الاعراب، يسئلون عن أنبائكم، ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا).
ثم أقبل على المؤمنين فقال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر): أي لئلا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، ولا عن مكان هو به.
ثم ذكر المؤمنين وصدقهم وتصديقهم بما وعد هم الله من البلاء يختبرهم به، فقال: (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا إيمانا وتسليما): أي صبرا على البلاء وتسليما للقضاء، وتصديقا للحق، لما كان الله تعالى وعدهم ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم