فقال: يا محمد، أنت تزعم أن الله يبعث هذا بعد ما أرم، ثم فته في يده، ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم أنا أقول ذلك، يبعثه الله إياك بعد ما تكونان هكذا، ثم يدخلك الله النار، فأنزل الله تعالى فيه: {وضرب لنا مثلا ونسى خلقه، قال: من يحيى العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليهم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون - 78 إلى 80 من سورة يس}.
واعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يطوف بالكعبة - فيما بلغني - الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، والوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل السهمي، وكانوا ذوي أسنان في قومهم، فقالوا: يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الامر، فإن كان الذي تعبد خيرا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيرا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه، فأنزل الله تعالى فيهم: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولى دين - سور الكافرين}.
أي إن كنتم لا تعبدون الله إلا أن أعبد ما تعبدون فلا حاجة لي بذلك منكم، لكم دينكم جميعا، ولى ديني.
وأبو جهل بن هشام، لما ذكر الله عز وجل شجرة الزقوم تخويفا بها لهم، قال: يا معشر قريش، هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد؟ قالوا:
لا، قال: عجوة يثرب بالزبد، والله لئن استمكنا منها لنتزقمنها تزقما، فأنزل الله تعالى فيه: {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم * كالمهل يغلى في البطون كغلي الحميم - 43 إلى 46 من سورة الدخان} أي ليس كما يقول.