السيئات، وتجزون الحسنات! أجل، لا يجتنى من الشوك العنب.
قال ابن إسحاق: ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها، كل قبيلة تجمع على حدة، ثم بنوها، حتى بلغ البنيان موضع الركن، فاختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى، حتى تحاوروا وتحالفوا وأعدوا للقتال، فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما ثم تعاقدوا هم وبنو عدى ابن كعب بن لؤي على الموت، وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة، فسموا " لعقة الدم " فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمسا، ثم إنهم اجتمعوا في المسجد وتشاوروا وتناصفوا.
فزعم بعض أهل الرواية: أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم - وكان عامئذ أسن قريش كلها - قال: يا معشر قريش، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضى بينكم فيه، ففعلوا. فكان أول داخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه قالوا:
هذا الأمين، رضينا، هذا محمد، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر، قال صلى الله عليه وسلم: هلم إلى ثوبا، فأتى به، فأخذ الركن فوضعه فيه بيده، ثم قال:
لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعا، ففعلوا، حتى إذا بلغوا بن موضعه وضعه هو يبده، ثم بنى عليه.
وكانت قريش تسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن ينزل عليه الوحي " الأمين " فلما فرغوا من البنيان وبنوها على ما أرادوا، قال الزبير ابن عبد المطلب، فيما كان من أمر الحية التي كانت قريش تهاب بنيان الكعبة لها:
عجبت لما تصوبت العقاب * إلى الثعبان وهي لها اضطراب وقد كانت يكون لها كشيش * وأحيانا يكون لها وثاب إذا قمنا إلى التأسيس شدت * تهيبنا البناء وقد تهاب فلما أن خشينا الرجز جاءت * عقاب تتلئب لها انصباب