فاستخرجا منه علقمة سوداء فطرحاها، ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنقياه، ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمته، فوزنني بهم فوزنتهم، ثم قال: زنه بمئة من أمته، فوزنني بهم فوزنتهم، ثم قال: زنه بألف من أمته، فوزنني بهم فوزنتهم، فقال: دعه عنك، فوالله لو وزنته بأمته لوزنها.
قال ابن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من نبي إلا وقد رعى الغنم، قيل: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا.
قال ابن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: أنا أعربكم، أنا قرشي، واسترضعت في بنى سعد بن بكر.
قال ابن إسحاق: وزعم الناس - فيما يتحدثون، والله أعلم - أن أمه السعدية لما قدمت به مكة أضلها في الناس وهي مقبلة به نحو أهله، فالتمسته فلم تجده، فأتت عبد المطلب، فقالت له: إني قد قدمت بمحمد هذه الليلة، فلما كنت بأعلى مكة أضلني، فوالله ما أدرى أين هو، فقام عبد المطلب عند الكعبة يدعو الله أن يرده، فيزعمون أنه وجده ورقة بن نوفل بن أسد، ورجل آخر من قريش، فأتيا به عبد المطلب، فقالا [له]: هذا ابنك وجدناه بأعلى مكة، فأخذه عبد المطلب، فجعله على عنقه وهو يطوف بالكعبة يعوذه ويدعو له، ثم أرسل (1) به إلى أمه آمنة.
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم: أن مما هاج أمه السعدية على رده إلى أمه - مع ما ذكرت لامه مما أخبرتها عنه - أن نفرا من الحبشة نصارى، رأوه معها حين رجعت به بعد فطامه، فنظروا إليه وسألوها عنه وقلبوه، ثم قالوا لها: لنأخذن هذا الغلام، فلنذهبن به إلى ملكنا وبلدنا، فإن هذا غلام كائن له شأن، نحن نعرف أمره، فزعم الذي حدثني أنها لم تكد تنفلت به منهم.