ينذر فيها ناذر لمنعم، تكون ميراثا وعقدا محكم، ليست كبعض ما قد تعلم، وهي بين الفرث والدم.
قال ابن هشام: هذا الكلام والكلام الذي قبله في حديث على [رضوان الله عليه] في حفر زمزم من قوله: " لا تنزف أبدا ولا تذم " إلى قوله " عند قرية النمل " عندنا سجع، وليس شعرا.
قال ابن إسحاق: فزعموا أنه حين قل له ذلك قال: وأين هي؟ قيل له:
عند قرية النمل، حيث ينقر الغراب غدا. والله أعلم أي ذلك كان.
فغدا عبد المطلب ومعه ابنه الحارث، وليس له يومئذ ولد غيره، فوجد قرية النمل، ووجد الغراب ينقر عندها بين الوثنين: إساف ونائلة، اللذين كانت قريش تنحر عندهما ذبائحها، فجاء بالمعول وقام ليحفر حيث أمر، فقامت إليه قريش رأوا جده فقالوا: والله لا نتركك تحفر بين وثنينا هذين اللذين ننحر عندهما، فقال عبد المطلب لابنه الحارث: ذد عنى حتى أحفر، فوالله لأمضين لما أمرت به، فلما عرفوا أنه غير نازع، خلوا بينه وبين الحفر وكفوا عنه، فلم يحفر إلا يسيرا حتى بدا له الطي، فكبر وعرف أنه قد صدق. فلما تمادى به الحفر وجد فيها غزالين من ذهب، وهما الغزالان اللذان دفنت جرهم فيها حين خرجت من مكة، ووجد فيها أسيافا قلعية وأدراعا، فقالت له قريش:
يا عبد المطلب لنا معك في هذا شرك وحق، قال: لا، ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم: نضرب عليها بالقداح، قالوا: كيف تصنع؟ قال: أجعل للكعبة قدحين، ولى قدحين، ولكم قدحين، فمن خرج له قدحاه على شئ كان له، ومن تخلف قدحاه فلا شئ له، قالوا: أنصفت، فجعل قدحين أصفرين للكعبة، وقدحين أسودين لعبد المطلب، وقدحين أبيضين لقريش، ثم أعطوا [القداح] صاحب القداح الذي يضرب بها عند هبل - وهبل: صنم في جوف الكعبة، وهو أعظم أصنامهم - وهو الذي يعنى أبو سفيان ابن حرب يوم أحد