ولوا أحدا من بيته سواه، وبايعه جماعة من أهل الكوفة ممن له تدبير وبصيرة في تشيعهم، ودخل فيهم أخلاط لا ديانة لهم، وأقام الحسين بن إسماعيل بشاهي واستراح واتصلت بهم الأمداد.
وأقام يحيى بالكوفة يعد العدد ويصلح السلاح، فأشار عليه جماعة من الزيدية ممن لا علم له بالحرب بمعاجلة الحسين بن إسماعيل وألحوا عليه، فزحف إليه ليلة الاثنين لثلاث عشرة خلت من رجب، ومعه الهيثم العجلي وغيره، ورجالة من أهل الكوفة ليس لهم علم ولا شجاعة، وأسروا ليلتهم وصبحوا حسينا وهو مستريح، فثار بهم في الغلس، وحمل عليهم أصحاب الحسين فانهزموا ووضعوا فيهم السيف، وكان أول أسير الهيثم العجلي، وانهزم رجالة أهل الكوفة وأكثرهم بغير سلاح، فداستهم الخيل وانكشف العسكر عن يحيى بن عمر وعليه جوشن قد تقطر به فرسه، فوقف عليه ابن لخالد بن عمران فقال له: خير، فلم يعرفه، وظنه رجلا من أهل خراسان لما رأى عليه الجوشن، فأمر رجلا فنزل إليه فأخذ رأسه وعرفه رجل كان معه، وسير الرأس إلى محمد بن عبد الله بن طاهر، وادعى قتله غير واحد، فسير محمد الرأس إلى المستعين، فنصب بسامراء لحظة ثم حطه ورده إلى بغداد لينصب بها، فلم يقدر محمد على ذلك لكثرة من اجتمع من الناس، فخاف أن يأخذوه، فلم ينصبه وجعله في صندوق في بيت السلاح.
ووجه الحسين بن إسماعيل برؤوس من قتل وبالأسرى فحبسوا ببغداد، وكتب محمد بن عبد الله يسأل العفو عنهم، فأمر بتخليتهم وأن تدفن الرؤوس ولا تنصب، ففعل ذلك.
ولما وصل الخبر بقتل يحيى، جلس محمد بن عبد الله يهنأ بذلك، فدخل عليه داود بن القسم أبو هاشم الجعفري فقال: أيها الأمير إنك لتهنأ بقتل رجل لو كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيا لعزي به.
فما رد عليه محمد شيئا، فخرج داود وهو يقول:
يا بني طاهر كلوه وبيئا * إن لحم النبي غير مري إن وترا يكون طالبه الل * - ه لوتر نجاحه بالحري وأكثر الشعراء مراثي يحيى لما كان عليه من حسن السيرة والديانة، فمن ذلك قول بعضهم: