قال البراقي: يتضح لك مما ذكرناه: أن مسجد الكوفة قديم وفضله عظيم، وأنه قد خطه آدم (عليه السلام) فما دونه من الأنبياء، وأنه كان عظيما جدا، وأنه قد نقص منه اثنا عشر ألف ذراع أو أقل بيسير أو أكثر كما بينا فيما تقدم من الأخبار، وأن نقيصته تكون والله أعلم من جهة عكس القبلة، وذلك لما مر في حديث المفضل من قوله: (لما انتهينا إلى الكناسة نظر الصادق عن يساره ثم قال: يا مفضل ها هنا صلب عمي زيد، ثم مضى حتى أتى طاق (الزياتين) (1) وهو آخر السراجين فنزل وقال لي: إنزل فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول الذي خطه آدم) إلى آخر ما مر، فالكناسة هي الآن فيها مقام زيد بن علي، وهو مقام دفنه وحرقه، وهو عن قرية الكفل على بعد خمسة أميال، وكان مجيء الصادق (عليه السلام) من ذلك المكان، فنقصانه والله أعلم يكون أوله من قرب مقام يونس، ويبعد كل البعد أن يكون نقصانه من الجهة القبلة، ذلك لأن قصر الإمارة من جهة قبلة المسجد ومحاذيه، وأوضح من هذا أن دار أمير المؤمنين (عليه السلام) يخرج الخارج منها ويدخل المسجد، ولو كان موضعها من المسجد لما اتخذه أمير المؤمنين (عليه السلام) مسكنا، وأن هذا البيت بيت أمير المؤمنين لا ريب، ويؤيد ذلك ما أخبر عنه أهل التواريخ، ولعله يأتي ذلك إن شاء الله.
ولا يصح القول بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) أباح الله له من المساجد ما أبيح للنبي (صلى الله عليه وآله)، لأنه إنما أباح الله ذلك للنبي ولأمير المؤمنين ولفاطمة وللحسنين (عليهم السلام) فحسب لا لسائر أزواج أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا لمطلق أولاده، لأن ذلك مخصوص بالمعصوم.
وأوضح برهان على ذلك تسالم الناس من عصر إلى عصر واتفاقهم على أن هذه هي دار أمير المؤمنين (عليه السلام).