المؤمنين (عليه السلام) سنة 1032 أمر بتنظيف النهر الذي حفره الشاه إسماعيل الأول من الفرات سنة زيارته مرقد جده الإمام علي (عليه السلام) وهي سنة 914، حيث إنه قد طم في زمن محاصرة الروم أرض النجف أيام السلطان سليم، فحفر وعمر وجرى الماء فيه حتى دخل مسجد الكوفة، ويعرف هذا النهر بنهر الشاه، نسبة إلى الشاه عباس المذكور، ويعرف اليوم بنهر المكرية أيضا.
نهر الشاه صفي: ولما زار مرقد الأمير (عليه السلام) الشاه صفي (1) سنة 1042، أمر بشق نهر من حوالي الحلة إلى مسجد الكوفة ومنه إلى الخورنق، وعمل قناة من الخورنق إلى بحر النجف، وأحدثوا له هناك بحيرة يجتمع فيها الماء، ثم أوصلوه إلى البلدة وجاء في مادة تاريخه: آب ما أز مدد ساقي كوثر آمد (2).
نهر الهندية: إن يحيى خان الملقب بآصف الدولة اللكهنوي، المتوفى سنة 1220، كان من رجال الهند الشهيرين، وله آثار خالدة، وصيت طائر، وكان وزيرا لمحمد شاه الهندي، وقد بعث أموالا طائلة على يد العلامة الجليل السيد علي الكبير الطباطبائي، لحفر نهر من الفرات وإيصاله إلى النجف، فاجتمعت القبائل ووفر عليهم العطاء، يبتدئ هذا النهر من عمود الفرات (المسيب) وهو المندفع الأعظم لمائه، فحفر وسمي كما هو اليوم: نهر الهندية، ولما أوصلوه إلى الكوفة صنعوا له قناة في وسط خندق الكوفة المعروف: بكري سعد وأجري الماء فيه إلى النجف، وكان ذلك سنة 1208، وجاء في مادة تاريخه: صدقة جارية.
فصادف هذا النهر أراضي منخفضة، فجرى عليها الماء، فحدثت منها أهوار كثيرة منها: هور الدخن، والعوينة، وأبو طرفة، وهور الكفل، وبحيرة يونس، وبحر الشنافية، وبحر النجف، وكان الراكب يجيء في سفينة من البصرة حتى يصل إلى النجف.
وحدثت على حافتي هذا النهر الأشجار والبساتين والمزارع الكثيرة، وحدثت أيضا عليه قرى عديدة مثل: طويريج، والجعارة، والشنافية، وأم البعرور وغيرها، وسكنت على حافتيه القبائل الكثيرة: كآل فتلة، وبني حسن، والحميدات، وآل شبل، وآل زياد وغيرهم، ولم تزل تلك القرى في تقدم عمراني حتى اليوم.