وتعالى عنه - فلده.
فأفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من لدني؟ فقد أقسمت ليلدن إلا أن يكون العباس فإنكم لددتموني وأنا صائم، قلن: إن العباس هو لدك، قال صلى الله عليه وسلم وما حملكم على اللدود وما خفتن على؟ قالوا: خفنا عليك ذات الجنب، قال: إن الله تعالى لم يكن ليسلطه على فيجاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجعه ذلك يومه، فخرج من العدد هو اليوم العاشر الذي مات فيه صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس صلاة الغداة ورأى المؤمنون أنه قد برأ ففرحوا به فرحا شديدا ثم جلس في مصلاه يحدثهم ويقول: لعن الله أقواما اتخذوا قبورهم مساجدهم يعني اليهود والنصارى وحدثهم حتى أضحى ثم أقام صلى الله عليه وسلم إلى بيته فلم يتفرق الناس من مجلسهم حتى سمعوا صياح النساء وهن يقلن الماء الماء، ترين أنه قد غشي قلبه، وابتدر المسلمون الباب فسبقهم العباس صلى الله عليه وسلم فدخل وأغلق الباب دونهم فلم يلبث إلى أن خرج إلى الناس فنعى رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم نفسه فقالوا: يا عباس ما أدراك منه؟
قال: أدركته وهول يقول جلال ربي الرفيع قد بلغت، ثم قضي، فكان هذا آخر شئ تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت وفاته صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول لتمام عشر سنين من مقدمه المدينة فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يظهر على الدين؟ إنما أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا الباب فقالوا: لا تدفنوه فإنه حي، فخرج العباس صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس هل عند أحد منكم عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن وفاته؟
قالوا: قال العباس - رضي الله تبارك وتعالى عنه - أحمد الله أنا أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذاق الموت ولقد أخبره الله تعالى بذلك وهو بين أظهركم فقال:
﴿إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون﴾ (1).
فعرف الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي فخلوا بينه وبين أهله فغسلوه وكفنوه فقال بعضهم: ادفنوه عند المقام في مصلاه فقال العباس - رضي الله تبارك وتعالى عنه -: إنما عهدكم برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بساعة وهو يقول: