وذكره في كتاب الهبة (في باب مالا يرد من الهدية) ولفظه: حدثني ثمامة بن عبد الله قال: دخلت عليه فناولني طيبا، قال: كان أنس (رضي الله عنه) لا يرد الطيب، قال: وزعم أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب (1).
(1) (فتح الباري): 5 / 261، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب (9) ما لا يرد من الهدية، حديث رقم (2582)، قوله: " باب ما لا يرد من الهدية "، كأنه أشار إلى ما وراء الترمذي من حديث ابن عمر مرفوعا: ثلاث لا ترد: الوسائد، والدهن، واللبن، قال الترمذي: يعني بالدهن: الطيب، وإسناده حسن، إلا أنه ليس على شرط البخاري، فأشار إليه، واكتفى بحديث: أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب.
قال ابن بطال: إنما كان صلى الله عليه وسلم لا يرد الطيب من أجل أنه ملازم لمناجاته الملائكة، ولذلك كان لا يأكل الثوم ونحوه.
قال الحافظ: لو كان هذا هو السبب في ذلك لكان من خصائصه، وليس كذلك، فإن أنسا اقتدى به في ذلك. وقد ورد النهي عن رده مقرونا ببيان الحكمة في ذلك، في حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وأبو عوانة من طريق عبيد الله بن أبي جعفر عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعا: من عرض عليه طيب فلا يرده، فإنه خفيف الحمل طيب الرائحة.
وأخرجه مسلم من هذا الوجه، لكن قال: " ريحان " بدل " طيب "، ورواية الجماعة أثبت، فإن أحمد وسبعة أنفس معه رووه عن عبد الله بن يزيد المقبري، عن سعيد بن أبي أيوب بلفظ " الطيب "، ووافقه ابن وهب عن سعيد عند ابن حبان، والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، وقد قال الترمذي عقب حديث أنس وابن عمر: وفي الباب عن أبي هريرة، فأشار إلى هذا الحديث. قوله: " وزعم "، أي قال، والزعم يطلق على القول كثيرا. (فتح الباري): 5 / 261 - 262.