وأما (الآبار) التي كان يستعذب له منها الماء فقال الواقدي: حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن جدته سلمى قالت: كان أبو أيوب حين نزل عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعذب له الماء من بئر مالك بن أبي أنس، فلما صار إلى منزله كان أنس وهند (1) وحارثة ابنا أسماء الأسلميان، يحملون قدور الماء إلى بيوت نسائه من بيوت السقيا، ثم كان رباح - وهو عبد أسود له - يسقى من بئر غرس مرة، ومن بيوت السقيا بأمره (2).
قال: وحدثني سليمان بن عاصم قال: قال الهيثم بن نصر الأسلمي:
خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولزمت بابه في قوم محاويج، فكنت آتية بالماء من بئر أبي الهيثم بن التيهان جاسم، وكان ماؤها طيبا، ولقد دخل يوما صائفا، ومعه أبو بكر رضي الله عنه على أبي الهيثم فقال له: هل من ماء بارد؟ فأتاه بشجب فيه ماء كأنه الثلج، فصب منه على لبن عنز له، وسقاه، ثم قال له: إن لنا عريشا باردا فقل فيه يا رسول الله عندنا، ونضحه بالماء، فدخله وأبو بكر، وأتى أبو الهيثم بألوان من الرطب: عجوة (و) ابن طاب، وأمهات جراذين، ثم جاءهم بعد ذلك بجفنة مملوءة ثريدا عليها العراق (3)، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر رضي الله عنه، وأكلنا، ثم قال: عجبا للناس! يقولون توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع من خبز الشعير، فلما حضرت الصلاة، صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي الهيثم، وزوجة أبي الهيثم خلفنا، ثم سلم وعاد إلى العريش، فصلى فيه ركعتين بعد الظهر