إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٧ - الصفحة ١١١
فصل في ذكر القدح الذي كان يوضع تحت السرير ليبول فيه خرج البيهقي من حديث ابن جريج (قال) أخبرتني حكيمة بنت أميمة، عن أميمة أمها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان، ثم يوضع (1) تحت سريره (فبال، فوضع تحت سريره) (2)، فجاء فأراده، فإذا القدح ليس فيه شئ، فقال لامرأة يقال لها: بركة - كانت تخدمه لأم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة -: أين البول الذي كان في هذا القدح؟ قالت: شربته يا رسول الله (3)!!
وقد أخرجه أبو داود (4) والنسائي (5)، من حديث حجاج بن محمد

(1) كذا في (خ)، وفي (ج)، و (سنن البيهقي): " ثم وضع ".
(2) زيادة للسياق من المرجع السابق.
(3) (السنن الكبرى للبيهقي): 7 / 67، باب تركه صلى الله عليه وسلم الإنكار على من شرب بوله وحجامته.
(4) (سنن أبي داود): 1 / 28، كتاب الطهارة، باب (13) في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده، حديث رقم (24).
(5) (سنن النسائي بشرح الحافظ السيوطي): 1 / 34 - 35، كتاب الطهارة، باب (28)، البول في الإناء، حديث رقم (32).
قال الحافظ السيوطي في قوله: " أخبرتني حكيمة بنت أميمة عن أمها أميمة بنت رقيقة ": الثلاثة بالتصغير، ورقيقة بقافين. قال الحاكم في (المستدرك): أميمة صحابية مشهورة، فخرج حديثها في الوحدان، وقال الحافظ جمال الدين المزني في (التهذيب): رقيقة أمها، وهي أميمة بنت عيد، ويقال:
بنت عبد الله بن بجاد بن عمير، ورقيقة بنت خويلد أخت خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها.
وقال الحافظ الذهبي: حكيمة لم ترو إلا عن أمها، ولم يرو عنها غير ابن جريج، وقال غيره: ذكرها ابن حبان في (الثقات)، وأخرج حديثها في صحيحه، قالت: كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان يبول فيه ويضعه تحت السرير. هذا مختصر، وقد أتمه ابن عبد البر في (الإستيعاب فقال: فبال ليلة فوضع تحت سريره فجاء، فإذا القدح ليس فيه شئ، فسأل المرأة يقال لها بركة كانت تخدم أم حبيبة، جاءت معها من الحبشة فقال: أين البول الذي كان في القدح؟ فقالت: شربته يا رسول الله، قال الحاكم في (المستدرك): هذه سنة غريبة.
وقال الشيخ ولي الدين في (شرح أبي داود). والحافظ ابن حجر في (تخريج أحاديث الرافعي):
عيدان بفتح العين المهملة ومثناة تحتية ساكنة، وقال الإمام بدر الدين الزركشي في (تخريج أحاديث الرافعي): عيدان مختلف في ضبطه: بالكسر والفتح، واللغتان بإزاء معنيين، فالكسر جمع عود، والفتح جمع عيدانه بفتح العين: قال أهل اللغة: هي النخلة الطويلة المتجردة، وهي بالكسر أشهر رواية.
وفي كتاب (تثقيف اللسان): من كسر العين فقد أخطأ، يعني لأنه أراد جمع عود، وإذا اجتمعت الأعواد لا يتأتى منها قدح يحفظ الماء، بخلاف من فتح العين فإنه يريد قدحا من خشب هذه صفته، ينقر ليحفظ ما يجعل فيه.
وقال الشيخ ولي الدين: يعارضه ما رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد، من حديث عبد الله بن يزيد مرفوعا: لا ينقع بول في طست البيت، فإن الملائكة لا تدخل بيتا في بول منتقع. وروى ابن أبي شيبة في (المصنف) عن ابن عمر قال: لا تدخل الملائكة بيتا فيه بول.
والجواب: لعل المراد بانتقاعه طول مكثه، وما يجعل في الإناء لا يطول مكثه غالبا. وقال مغلطاي:
يحتمل أن يكون أراد كثرة النجاسة في البيت بخلاف القدح، فإنه لا يحصل به نجاسة لمكان آخر.
(سنن النسائي بشرح الحافظ السيوطي): 1 / 34 - 35، كتاب الطهارة، باب (28) البول في الإناء، حديث رقم (32)، (المصنف): 1 / 160، كتاب الطهارات، باب (215) في الرجل يبول في بيته الذي هو فيه، حديث رقم (1845).
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست