ومن حديث سفيان عن الزهري، عن عبادة بن تميم، عن عمه، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد، واضعا إحدى رجليه على الأخرى (1).
(١) (الشمائل المحمدية): 116، حديث رقم (129)، (سنن الترمذي): 5 / 88، كتاب الأدب، باب (19)، ما جاء في وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا، حديث رقم (765)، (فتح الباري): 1 / 740 - 741، كتاب الصلاة، باب (85) الاستلقاء في المسجد ومد الرجل، حديث رقم (475)، وعن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، قال كان عمر وعثمان يفعلان ذلك، (فتح الباري): 10 / 488، 489، كتاب اللباس، باب (103)، الاستلقاء ووضع الرجل على الأخرى، حديث رقم (5969)، (فتح الباري): 11 / 95، كتاب الاستئذان، باب (44) الاستلقاء، حديث رقم (6287).
" الاستلقاء " هو الاضطجاع على القفا، سواء كان معه نوم أم لا، وقد تقدمت هذه الترجمة وحديثها في آخر كتاب اللباس، قبيل كتاب الأدب، وتقدم بيان الحكم في أبواب المساجد من كتاب الصلاة، وذكرت هناك قول من زعم أن النهي عن ذلك منسوخ، وأن الجمع أولى، وأن محل النهي حيث تبدو العورة، والجواز حيث لا تبدو، وهو جواب الخطابي ومن تبعه، ونقلت قول من ضعف الحديث الوارد في ذلك، وزعم أنه لم يخرج في الصحيح.
وأوردت عليه بأنه غفل عما في كتاب اللباس من الصحيح، والمراد بذلك صحيح مسلم، وسبق القلم هناك فكتبت صحيح البخاري، وقد أصلحته في أصلي، ولحديث عبد الله بن زيد في الباب شاهد من حديث أبي هريرة، صححه ابن حبان (المرجع السابق).
(مسلم بشرح النووي): 14 / 323، كتاب اللباس والزينة، باب (22) في إباحة الاستلقاء، ووضع إحدى الرجلين على الأخرى، حديث رقم (2100) - قال الإمام النووي: قال العلماء:
أحاديث النهي عن الاستلقاء رافعا إحدى رجليه على الأخرى محمولة على حالة تظهر فيها العورة أو شئ منها، وأما فعله صلى الله عليه وسلم فكان على وجه لا يظهر منها شئ، وهذا لا بأس به ولا كراهة فيه على هذه الصفة.
وفي هذا الحديث جواز الاتكاء في المسجد والاستلقاء فيه. قال القاضي: لعله صلى الله عليه وسلم فعل هذا لضرورة أو حاجة من تعب، أو طلب راحة أو نحو ذلك.
قال: وإلا فقد علم أن جلوسه صلى الله عليه وسلم في المجامع على خلاف هذا، بل كان يجلس مرتبعا، أو محتبيا، وهو كان أكثر جلوسه، أو القرفصاء، أو مقعيا، وشبهها من جلسات الوقار، والتواضع.
قلت: ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم فعله لبيان الجواز، وأنكم إذا أردتم الاستلقاء فليكن هكذا، وأن النهي الذي نهيتكم عن الاستلقاء ليس هو على الإطلاق، بل المراد به من ينكشف شئ من عورته أو يقارب انكشافها، والله تعالى أعلم (مسلم بشرح النووي): 14 / 322 - 323.