وهو قاعد القرفصاء (1)، قال: فلما رأيت المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق (2).
(١) القرفصاء: جلسة المحتبى، وليس هو الذي يحتبي بثوبه، ولكن الذي يحتبي بيديه.
(٢) قال العلامة ابن القيم في (زاد المعاد)، فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في جلوسه واتكائه: كان يجلس على الأرض، وعلى الحصير، والبساط، وقالت قيلة بنت مخرمة: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد القرفصاء قالت: فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كالمتخشع في الجلسة، أرعدت من الفرق، ولما قدم عليه عدي بن حاتم، دعاه إلى منزله، فألقيت إليه الجارية وسادة يجلس عليها، فجعلها بينه وبين عدي، وجلس على الأرض، قال عدي: فعرفت أنه ليس بملك. وكان يستلقي أحيانا وربما وضع إحدى رجليه على الأخرى، وكان يتكئ على الوسادة، وربما اتكأ على يساره، وربما اتكأ على يمينه، وكان إذا احتاج في خروجه، توكأ على بعض أصحابه من الضعف (زاد المعاد): ١ / ١٧٠.
والحديث أخرجه الترمذي في (الشمائل المحمدية): 115، باب (21) ما جاء في جلسة رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (128). قوله: " القرفصاء ": هي جلسة ولها هيئتان:
إحداهما: الاحتباء وهي أن يجلس على مقعدته ناصبا رجليه، ويضم فخذيه إلى بطنه، ولكن يحتبي بيديه، أي يجعلهما حول ساقيه، قابضهما ببعضهما.
والأخرى: أن يجلس على رجليه، ويجمع ركبتيه، ويضم بطنه إلى فخذيه واضعا يديه تحت إبطيه، وهذه الأخيرة هي المقصودة هنا، لما فيها من هيئة الخشوع والسكون والخضوع.
قوله: " المتخشع ": التخشع المبالغة في الخشوع.
قوله: " أرعدت من الفرق ": أرعدت أي أصبت. يرعدة وهي الاضطراب، والفرق: هو الخوف والفزع مما علاها من المهابة (المرجع السابق).
وللحديث شاهد عند أبي الشيخ في (أخلاق النبي): 247، من طريق عبد الله بن منيب عن أبيه عن جده عن أبي أمامة الحارثي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس جلس القرفصاء. وفي سنده ضعف. عبد الله بن منيب هو ابن عبد الله بن أبي أمامة بن ثعلبة الحارثي وهو صدوق، وأبوه مقبول عند المتابعة، وجده صدوق، وفي إسناده الفروي إسحاق بن محمد، وهو صدوق، لكن كف بصره فساء حفظه. وجملة القول: أن الحديث حسن، والله تعالى أعلم (المرجع السابق).
وأخرجه الترمذي أيضا في (السنن): 5 / 111، كتاب الأدب، باب (50) ما جاء في الثوب الأصفر، حديث رقم (2814)، وقال أبو عيسى: حديث قيلة لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن حسان، وأخرجه أبو داود في (السنن) 5 / 176، كتاب الأدب، باب (25) في جلوس الرجل، حديث رقم (4847) وقد تقدم طرف من هذا الحديث في كتاب الخراج من (سنن الترمذي)، وهو حديث طويل، وأخرجه البيهقي في (السنن الكبرى): 3 / 235، باب الاحتباء المباح في غير وقت الصلاة.