ولما اجتمع الأشرف بالكامل استقر الأمر بينهما على التقدم إلى خليج من النيل يعرف ببحر المحلة فتقدموا إليه فقاتلوا الفرنج وازدادوا قربا وتقدمت شواني المسلمين من النيل وقاتلوا شواني الفرنج فأخذوا منها ثلاث قطع بمن فيها من الرجال وما فيها من الأموال والسلاح ففرح المسلمون بذلك واستبشروا وتفاءلوا وقويت نفوسهم واستطالوا على عدوهم.
هذا يجري والرسل مترددة بينهم في تقرير قاعدة الصلح وبذل المسلمون لهم تسليم البيت المقدس وعسقلان وطبرية وصيدا وجبلة واللاذقية وجميع ما فتحه صلاح الدين ما عدا الكرك ليسلموا دمياط فلم يرضوا وطلبوا ثلاثمائة ألف دينار عوضا عن تخريب القدس ليعمروه بها فلم يتم بينهم أمر وقالوا لا بد من الكرك.
فبينما الأمر في هذا وهم يمنعون فاضطر المسلمون إلى قتالهم وكان الفرنج لاعتدادهم في نفوسهم لم يستصحبوا معهم ما يقوتهم عدة أيام ظنا منهم أن العساكر الإسلامية لا تقوم لهم وان القرى والسواد جميعه يبقى بأيديهم يأخذون منه ما أرادوا من الميرة لأمر يريده الله تعالى بهم فعبر طائفة من المسلمين إلى الأرض التي عليها الفرنج ففجروا النيل فركب الماء أكثر تلك الأرض ولم يبق للفرنج جهة يسلكون منها غير جهة واحدة فيها ضيق فنصب الكامل حينئذ الجسور على النيل عند أشموم وعبرت العساكر عليها فملك الطريق الذي يسلكه الفرنج ان أرادوا العود إلى دمياط فلم يبق لهم خلاص.
واتفق في تلك الحال انه وصل إليهم مركب كبير للفرنج من أعظم المراكب يسمى مرمة وحوله عدة حراقات تحميه والجميع مملوءة من الميرة والسلاح،