شاه إلا اليسير، فتطير خوارزم شاه من ذلك الطريق وعزم على العود إلى خراسان خوفا من التتر لأنه ظن أنه يقضي حاجته ويفرغ من إرادته في المدة اليسيرة فخاب ظنه ورأى البيكار بين يديه طويلا فعزم على العود فولى همذان أميرا من أقاربه من جهة والدته يقال له طائيسي وجعل في البلاد جميعها ابنه ركن الدين وجعل معه متوليا لأمر دولته عماد الملك الساوي وكان عظيم القدر عنده وكان يحرص على قصد العراق.
وعاد خوارزم شاه إلى خراسان فوصل إلى مرو في المحرم سنة خمس عشرة وستمائة وسار من وجهه إلى ما وراء النهر ولما قدم إلى نيسابور جلس يوم الجمعة عند المنبر وأمر الخطيب بترك الخطبة للخليفة الناصر لدين الله وقال إنه قد مات وكان ذلك في ذي القعدة سنة أربع عشر وستمائة ولما قدم مرو قطع الخطبة بها وكذلك ببلخ وبخارى وسرخس وبقي خوارزم وسمرقند وهراة لم تقطع الخطبة فيها إلا عن قصد لتركها لأن البلاد كانت لا تعارض من أشباه هذا ان أحبوا خطبوا وإن أرادوا قطعوا فبقيت كذلك إلى أن كان منه ما كان.
وهذه من جملة سعادات هذا البيت الشريف العباسي لم يقصده أحد بأذى إلا لقيه فعله وخبث نيته لا جرم لم يمهل هذا خوارزم شاه حتى جرى له ما نذكره مما لم يسمع بمثله في الدنيا قديما ولا حديثا.