وجماعة الأمراء المصرية، وجميع الأعيان، فاتفق أن أخاه الملك المؤيد مسعودا صنع له طعاما وصنع له فخر الدين مملوك أبيه طعاما فابتدأ بطعام أخيه ليمين حلفها أخوه أنه يبدأ به فظن جهاركس أنه فعل هذا انحرافا عنه وسوء اعتقاد فيه فتغيرت نيته وعزم على الهرب فحضر عند الأفضل وقال إن طائفة من العرب قد اقتتلوا ولئن لم نمض إليهم نصلح بينهم يؤدي ذلك إلى فساد فأذن له الأفضل في المضي إليهم ففارقه وسار مجدا حتى وصل إلى البيت المقدس ودخله وتغلب عليه ولحقه جماعة من الناصرية منهم قراجة الزره كش وسرا سنقر وأحضروا عندهم ميمونا القصرى صاحب نابلس وهو أيضا من المماليك الناصرية فقويت شوكتهم به واجتمعت كلمتهم على خلاف الأفضل وأرسلوا إلى الملك العادل وهو على ماردين يطلبونه إليهم ليدخلوا معه إلى مصر ليملكوها فلم يسر إليهم لأنه كانت أطماعه قد قويت في أخذ ماردين وقد عجز من بها عن حفظها وأنه يأخذها والذي يريدونه لا يفوته.
وأما الأفضل فإنه دخل إلى القاهرة سابع ربيع الأول وسمع بهرب جهاركس فأهمه ذلك وترددت الرسل بينه وبينهم ليعودوا إليه فلم يزدادوا إلا بعدا ولحق بهم جماعة من الناصرية أيضا فاستوحش الأفضل من الباقين فقبض عليهم وهم شقيرة وأيبك فطيس والبكى الفارس وكل هؤلاء بطل مشهور ومقدم مذكور سوى من ليس مثلهم في التقدم وعلو القدر وأقام الأفضل بالقاهرة وأصلح الأمور وقرر القواعد والمرجع في جميع الأمور إلى سيف الدين يازكج.