هو ومن معه فلما رآهم عامة البلد نادوا بشعار الأفضل واستسلم من به من الجند ونزلوا عن الأسوار وبلغ الخبر إلى الملك العادل فكاد يستسلم وتماسك.
وأما الذين دخلوا البلد فإنهم وصلوا إلى البريد فلما رأى عسكر العادل بدمشق قلة عددهم وانقطاع مددهم وثبوا بهم وأخرجوهم منه وكان الأفضل قد نصب خيمة بالميدان الأخضر وقارب عسكره الباب الحديد وهو من أبواب القلعة فقدر الله تعالى أن أشير على الأفضل بالانتقال إلى ميدان الحصى ففعل ذلك فقويت نفوس من فيه وضعفت نفوس العسكر المصري ثم إن الأمراء الأكراد منهم تحالفوا فصاروا يدا واحدة ويغضبون لغضب أحدهم ويرضون لرضا أحدهم فظن الأفضل وباقي الأسدية أنهم فعلوا بقاعدة بينهم وبين الدمشقيين فرحلوا من موضعهم وتأخروا في العشرين من شعبان ووصل أسد الدين شيركوه صاحب حمص إلى الأفضل الخامس والعشرين من شعبان ووصل بعده الملك الظاهر صاحب حلب ثاني عشر شهر رمضان وأراد الزحف إلى دمشق فمنعهم الملك الظاهر مكرا بأخيه وحسدا له ولم يشعر أخوه الأفضل بذلك.
وأما الملك العادل فإنه لما رأى كثرة العساكر وتتابع الإمداد إلى الأفضل عظم عليه فأرسل إلى المماليك الناصرية بالبيت المقدس يستدعيهم إليه فساروا سلخ شعبان فوصل خبرهم إلى الأفضل فسير أسد الدين صاحب حمص ومعه جماعة من الأمراء إلى طريقهم ليمنعوهم فسلكوا غير طريقهم فجاء أولئك ودخلوا دمشق خامس رمضان فقوي العادل بهم قوة عظيمة وأيس الأفضل ومن معه من دمشق وخرج عسكر دمشق في شوال فكبسوا العسكر المصري فوجدوهم قد حذروهم فعادوا عنهم خاسرين.