وكان معه من الرجالة الحلبيين كثير وهم في الشجاعة بالمنزلة المشهورة ودام رشق السهام من قسى اليد والجرح والزنبورك والزيار فجرح أكثر من بالحصن وهم يظهرون التجلد والامتناع وزحف المسلمون إليهم ثاني جمادى الآخرة فتعلقوا بقرنة من ذلك الجبل قد أغفل الفرنج إحكامها فتسلقوا منها بين الصخور حتى التحقوا بالسور الأول فملكوا منها ثلاثة وغنموا ما فيها من أبقار ودواب وذخائر وغير ذلك واحتمى الفرنج بالقلة التي للقلعة فقاتلهم المسلمون عليها فنادوا وطلبوا الأمان فلم يجبهم صلاح الدين اليه فقرروا على أنفسهم مثل قطيعة البيت المقدس وتسلم الحصن وسلمه إلى أمير يقال له ناصر الدين منكوبرس صاحب قلعة أبي قبيس فحصنه وجعله من أحصن الحصون.
ولما ملك المسلمون صهيون تفرقوا في تلك النواحي فملكوا حصن بلاطنوس وكان من به من الفرنج قد هربوا منه وتركوه خوفا ورعبا وملك أيضا حصن العيد وحصن الجماهرتين فاتسعت المملكة الإسلامية بتلك الناحية إلا أن الطريق إليها من البلاد الإسلامية على عقبة بكسرائيل شاق شديد، لأن الطريق السهلة كانت غير مسلوكة، لأن بعضها بيد الإسماعيلية وبعضها بيد الفرنج.