بالسهام، فلما رأى صلاح الدين ذلك أمر بالطارقيات والجفتيات فصفت على الطريق مما يلي البحر من أول المضيق إلى آخره وجعل وراءها الرماة فمنعوا الفرنج من الدنو إليهم فاجتاز المسلمون عن آخرهم حتى عبروا المضيق ووصلوا إلى جبلة ثامن عشر جمادى الأولى وتسلمها وقت وصوله.
وكان قاضيها قد سبق إليها ودخل فلما وصل صلاح الدين رفع أعلامه على سورها وسلمها إليه وتحصن الفرنج الذين كانوا بها تحصنا واحتموا بقلعتها فما زال قاضي جبلة يخوفهم ويرغبهم حتى استنزلهم بشرط الأمان، وأن يأخذ رهائنهم يكونون عنده إلى أن يطلق الفرنج رهائنهم من المسلمين من أهل جبلة.
وكان بيمند صاحبها قد أخذ رهائن القاضي ومسلمي جبلة وتركهم عنده بأنطاكية فأخذ القاضي رهائن الفرنج وجاء رؤساء أهل الجبل إلى صلاح الدين بطاعة أهله وهو من أمنع الجبال وأشقها مسلكا وفيه حصن يعرف ببكسرائيل بين جبلة ومدينة حماه فملكه المسلمون وصار الطريق في هذا الوقت عليه من بلاد الإسلام إلى العسكر وكان الناس يلقون شدة في سلوكه وقرر صلاح الدين أحوال جبلة وجعله فيها لحفظها الأمير سابق الدين عثمان بن الداية صاحب شيزر وسار عنها.