وكانت طرابلس من أعظم بلاد الإسلام وأكثرها تجملا وثروة فباع أهلها من الحلي والأواني الغربية ما لا حد عليه حتى بيع كل مائة درهم نقرة بدينار وشتان بين هذه الحالة وبين حال الروم أيام السلطان ألب أرسلان وقد ذكرت ظفره بهم سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وكان بعض أصحابه وهو كمشتكين دواتي عميد الملك هرب منه خوفا لما قبض على صاحبه عميد الملك وسار إلى الرقة فملكها وصار معه مثير من التركمان فيهم الأفشين وأحمد شاه فقتلاه وأرسلا أمواله إلى ألب أرسلان ودخل الأفشين بلاد الروم وقاتل الفردوس صاحب أنطاكية فهزمه وقتل من الروم خلقا كثيرا.
وسار ملك الروم من القسطنطينية إلى ملطية فدخل الأفشين بلاده ووصل إلى عمورية وقتل في غزاته مائة ألف آدمي ولما عاد إلى بلاد الإسلام وتفرق من معه خرج عليه عسكر الرها وهي حينئذ للروم ومعهم بنو نمير من العرب فقاتلهم ومعه مائتا فارس فهزمهم ونهب بلاد الروم فأرسل إلى ألب أرسلان في ذلك فصالح الروم على مائة ألف دينار وأربعة آلاف ثوب أصنافا وثلاثمائة رأس بغالا فشتان بين الحالتين.
وأقول شتان بين حال أولئك المرذولين الذي الذين استعجزهم وبين حال الناس في زماننا هذا وهو سنة ست عشرة وستمائة مع الفرنج أيضا والتتر وسترى ذلك مشروحا إن شاء الله تعالى لتعلم الفرق نسأل الله تعالى