الصائغ ذلك، ووصل القوم إلى أفامية وقدموا إلى ابن ملاعب بما معهم من الخيل وغيرها فقبل ذلك منهم وأمرهم بالمقام عنده وأنزل عنده وأنزلهم في ربض أفامية.
فلما كان في بعض الليالي نام الحراس بالقلعة فقام القاضي ومن بالحصن من أهل سرمين ودلوا الحبال واصعدوا أولئك القادمين جميعهم وقصد أولاد ابن ملاعب وبني عمه وأصحابه فقتلوهم وأتى القاضي وجماعة معه إلى ابن ملاعب وهو مع امرأته فأحس بهم فقال من أنت فقال ملك الموت جئت لقبض روحك فناشده الله فلم يرجه عنه وجرحه وقتله وقتل أصحابه وهرب ابناه فقتل أحدهما والتحق الآخر بأبي الحسن بن منقذ صاحب شيزر فحفظه لعهد كان بينهما.
ولما سمع ابن الصائغ خبر أفامية سار إليها وهو لا يشك أنها له فقال له القاضي إن وافقتني وأقمت معي فبالرحب والسعة ونحن بحكمك وإلا فارجع من حيث جئت فأيس ابن الصائغ منه، وكان أحد أولاد ابن ملاعب بدمشق عند طغتكين غضبان على أبيه فولاه حصنا وضمن على نفسه حفظ الطريق فلم يفعل وقطع الطريق وأخذ القوافل فاستغاثوا إلى طغتكين منه فأرسل إليه من طلبه فهرب إلى الفرنج واستدعاهم إلى حصن أفامية وقال ليس فيه غير قوت شهر فأقاموا عليه يحاصرونه فجاع أهله وملكه الفرنج وقتلوا القاضي المتغلب عليه وأخذوا ابن الصائغ فقتلوه وكان هو الذي أظهر مذهب الباطنية بالشام.
هكذا ذكر بعضهم أن أبا طاهر بن الصائغ قتله الفرنج بأفامية، وقد قيل إن ابن بديع رئيس حلب قتله سنة سبع وخمسمائة بعد وفاة رضوان وقد ذكرناه هناك والله أعلم.