(بأس توقد فاحمرت لواحظه * ونائل شب فاخضرت عذاراه) فلعمري قد بسطت من نفسه وأعدت عليه بعض أنسه على أي وقعت فيما وقع فيه الكل بقولي (البيت كالبيت) وأمر إثر ذلك بالغناء فغني:
(ولما قضينا من منى كل حاجة * ولم يبق إلا أن تزم الركائب) فأيقنا أن هذه الطير تعقب الغير. فلما أراد أمير المسلمين ملك الأندلس سار من مراكش إلى سبتة وأقام بها وسير العساكر مع سير بن أبي بكر وغيره إلى الأندلس فعبروا الخليج فأتوا مدينة مرسية فملكوها وأعمالها وأخرجوا صاحبها أبا عبد الرحمن بن طاهر منها وساروا إلى مدينة شاطبة ومدينة دانية فملكوها.
وكانت بلنسية قد ملكها الفرنج قديما بعد أن حصروها سبع سنين فلما سمعوا بوقعة الزلاقة فارقوها فملكها المسلمون أيضا وعمروها وسكنوا فصارت الآن للمرابطين.
وكانوا قد ملكوا غرناطة نوبة الزلاقة فقصدوا مدينة إشبيلية وبها صاحبها المعتمد بن عباد فحصروه بها وضيقوا عليه فقاتل أهلها قتالا شديدا وظهر من شجاعة المعتمد وشده بأسه وحسن دفاعه عن بلده مالم يشهد من غيره ما يقاربه فكان يلقي نفسه في المواقف التي لا يرجى خلاصة منها فيسلم بشجاعته وشدة نفسه ولكن إذا نفذت المدة لم تغن العدة.
وكانت الفرنج قد سمعوا بقصد عساكر المرابطين بلاد الأندلس فخافوا أن يملكوها ثم يقصدوا بلادهم فجمعوا فأكثروا وساروا ليساعدوا