الرشيد. قال أبو بكر عيسى بن اللبانة الداني من مدينة دانية كنت يوما عند الرشيد بن المعتمد في مجلس أنسه سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة فجرى ذكر غرناطة وملك أمير المسلمين لها وقد ذكرنا أخذها في وقعة الزلاقة فلما ذكرناها تفجع وتلهف واسترجع وذكر قصرها فدعونا لقصره بالدوام ولملكه بتراخي الأيام فأمر عند أبا بكر الإشبيلي بالغناء فغنى:
(يا دار رمية بالعلياء فالسند * أقوت وطال عليها سالف الأبد) فاستحالت مسرته وتجهمت أسرته ثم أمر بالغناء من ستارته فغنى:
(إن شئت أن ترى صبرا لمصطبر * فانظر إلى أي حال أصبح الطلل) فتأكد تطيره واشتد اربداد وجهه وتغيره وأمر مغنية أخرى بالغناء فغنت:
(يا لهف نفسي على مال أفرقه * على المقلين من أهل المروءات) (إن اعتذاري إلى من جاء يسألني * ما ليس عندي من إحدى المصيبات) قال ابن اللبانة فتلافيت الحال بأن قمت فقلت:
(محل مكرمة لا هد مبناه * وشمل مأثرة لا شته الله) (البيت كالبيت لكن زاد ذا شرفا * ان الرشيد مع المعتد ركناه) (ثاو على أنجم الجوزاء مقعدة * وراحل في سبيل الله مثواه) (حتم على الملك أن يقوي وقد وصلت * بالشرق والغرب يمناه ويسراه)