فلما علم أهل البلد بذلك فارقوا ديارهم وانصرفوا ودخل العرب حينئذ البصرة وقويت نفوسهم وملكوها ونهبوا ما فيها نهبا شنيعا فكانوا ينهبون نهارا وأصحاب العميد عصمة ينهبون ليلا وأحرقوا مواضع عدة، وفي جملة ما أحرقوا دارين للكتب إحداهما وقفت قبل أيام عضد الدولة بن بويه فقال عضد الدولة هذه مكرمة سبقنا إليها وهي أول دار وقفت في الإسلام والأخرى وقفها الوزير أبو منصور بن شاء مردان وكان بها نفائس الكتب وأعيانها، وأحرقوا أيضا النحاسين وغيرها من الأماكن.
وخربت وقوف البصرة التي لم يكن لها نظير من جملتها وقوف على الحمال الدائرة على شاطئ دجلة وعلى الدواليب التي تحمل الماء وترقيه إلى قنى الرصاص الجارية إلى المصانع وهي على فراسخ من البلد وهي من عمل محمد بن سليمان الهاشمي وغيره.
وكان فعل العرب بالبصرة أول خرق جرى في أيام السلطان ملكشاه فلما فعلوا ذلك وبلغ الخبر إلى بغداد انحدر سعد الدولة كوهرائين وسيف الدولة صدفة بن مزيد إلى البصرة لإصلاح أمورها فوجدوا العرب قد فارقوها.
ثم إن تليا أخذ بالبحرين وأرسل إلى السلطان فشهره ببغداد سنة أربع وثمانين [وأربعمائة] على جمل، وعلى رأسه طرطور وهو يصقع بالدرة والناس يشتمونه ويسبهم ثم أمر به فصلب.