ولكنه أراد قتله وكأنت نفسه أكرم علينا من نفسه فبصق بعض الغلمان في وجهه فأمر المنصور بأنفه فكسر عقوبة له.
ولما ورد الخبر بقتل محمد على أخيه إبراهيم بالبصرة كان يوم العيد فخرج فصلى بالناس ونعاه على المنبر وأظهر الجزع عليه وتمثل على المنبر:
(أبا المنازل يا خير الفوارس من * يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعا) (الله يعلم أني لو خشيتهم * وأوجس القلب من خوف لهم فزعا) (لم يقتلوه ولم اسلم أخي بدا * حتى نموت جميعا أو نعيش معا) ولما قتل محمد أرسل عيسى ألوية فنصبت في مواضع بالمدينة ونادى مناديه من دخل تحت لواء منها فهو آمن. وأخذ أصحاب محمد فصلبهم ما بين ثنية الوداع إلى دار عمر بن عبد العزيز صفين ووكل بخشبة ابن خضير من يحفظها فاحتمله قوم من الليل فواروه سرا وبقي الآخرون ثلاثا فأمر بهم عيسى فألقوا على مقابر اليهود ثم ألقوا بعد ذلك في خندق في أصل ذباب.
فأرسلت زينب بنت عبد الله أخت محمد وابنة فاطمة إلى عيسى انكم قد قتلتموه وقضيتم حاجتكم منه فلو أذنتم لنا في دفنه فأذن لها فدفن بالبقيع وقطع المنصور المسرة في البحر إلى المدينة ثم أذن فيها المهدي.