وإني أخاف إن كشفوكم كشفة أن يدخلوا عسكركم. فتأخروا إلى سقاية سليمان بن عبد الملك بالجرف وهي على أربعة أميال من المدينة وقال لا يهرول الراجل أكثر من ميلين وثلاث حتى يأخذه الخيل وأرسل عيسى خمسمائة رجل إلى بطحاء بن أزهر على ستة أميال من المدينة فأقاموا بها وقال أخاف أن ينهزم محمد فيأتي مكة فيرده هؤلاء فأقاموا بها حتى قتل.
وأرسل عيسى إلى محمد يخبره أن المنصور قد أمنه وأهله فأعاد الجواب يا هذا إنك لك برسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة قريبة وإن أدعوك إلى كتاب الله وسنة نبيه والعمل بطاعته وأحذرك نقمته وعذابه وإني والله ما أنا منصرف عن هذا الأمر حتى ألقى الله عليه وإياك أن يقتلك من يدعوك إلى الله فتكون شر قتيل أو تقتله فيكون أعظم لوزرك فلما بلغته الرسالة قال عيسى ليس بيننا وبينه إلا القتال وقال محمد للرسول علام تقتلونني وإنما أنا رجل فر من أن يقتل قال القوم يدعونك إلى الأمان فإن أبيت إلا قتالهم قاتلوك على ما قاتل عليه خير آبائك طلحة والزبير على نكث بيعتهم وكيد ملكه فلما سمع المنصور قوله قال ما سرني أنه قال غير ذلك.
ونزل عيسى بالجرف لاثنتي عشرة من رمضان يوم السبت فأقام السبت والأجد وغدا يوم الاثنين فوقف على سلع فنظر إلى المدينة ومن فيها فنادى يا أهل المدينة إن الله حرم دماء بعضنا على بعض فهلموا إلى الأمان فمن قام تحت رايتنا فهو آمن ومن دخل داره فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن ومن خرج من المدينة فهو آمن، خلوا