قال نعم. قال لو رأيت اليوم معنا لعلمت انه منهم فقال معن والله يا أمير المؤمنين لقد اتيتك واني لوجل القلب فلما رأيت ما عندك من الاستهانة بهم وشدة الاقدام عليهم رأيت ما لم أره من خلق في حرب فشد ذلك من قلبي وحملني ما رأيت مني.
وقيل كان معن متخفيا من المنصور لما كان من قتاله مع ابن هبيرة كما ذكرناه وكان اختفاؤه عند أبي الخصيب حاجب المنصور وكان على ان يطلب [له] الأمان فلما خرجت الراوندية جاء معن فوقف بالباب فسال المنصور أبا الخصيب من بالباب فقال معن بن زائدة فقال المنصور رجل من العرب شديد النفس عالك بالحرب كريم الحسب أدخله فلما دخل قال إيه يا معن ما الرأي قال الرأي أن تنادي في الناس فتأمر لهم بالأموال فقال وأين الناس والأموال ومن يقدم على ان يعرض نفسه لهؤلاء العلوج لم تصنع شيئا يا معن الرأي ان اخرج فأقف للناس فإذا رأوني قاتلوا وتراجعوا إلي وان أقمت تهاونوا وتخاذلوا فاخذ معن بيده وقال لا يا أمير المؤمنين إذا والله تقتل الساعة فأنشدك الله في نفسك فقال له أبو الخصيب مثلها فجذب ثوبه منهما وركب دابته وخرج ومعن أخذ بلجام دابته وأبو الخصيب مع ركابه واتاه رجل فقتله معن حتى قتل أربعة في تلك الحالة حتى اجتمع إليه الناس فلم يكن الا ساعة حتى أفنوهم ثم تغيب معن فسال المنصور عنه أبا الخصيب فقال لا اعلم مكانه فقال المنصور أيظن معن ان لا اغفر ذنبه بعد بلائه اعطه الأمان وادخله علي فأدخله إليه فأمر له بعشرة آلاف درهم ثم ولاه اليمن.