والوجوب لا الأهم من حيث مصدر الامر والوجوب، كما هو مقتضى باب التزاحم. فإن رد السلام - مثلا - واجب بصريح القرآن فلو تزاحم رد السلام مع تكليف الوالد لولده بمهمة خطيرة قدم الولد أمر الأب على رد السلام وذلك لان طاعة الأب هي من طاعة الله تعالى ولا فرق بين طاعة وطاعة إلا من حيث أهمية متعلق الامر.
فإذا كان متعلق الامر في تكليف الوالد أهم من رد السلام قدمه عليه لدى التزاحم على قاعدة تقديم الأهم على المهم.
فإن طاعة الوالد من الطاعة لله تعالى ووجود الوسائط لا يغير جوهر الطاعة. فيتم تقديم طاعة على طاعة بموجب أهمية متعلق الامر لا بموجب أهمية مصدر الامر، فإن مصدر الامر في كل هذه النماذج هو الله تعالى.
وهذه حقيقة مهمة تعيننا في درك عمومية قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) في مورد طاعة الله تعالى وعدم وجود استثناء في البين.
والفرق بين الولايتين بأن إحداهما ذاتية والأخرى مجعولة وبالعرض غير فارق فيما هو المهم من هذه المسألة في اشتراط حق الطاعة للمولى بوصول التكليف أو عدم الاشتراط.
وذلك لان المولويات العرضية المشروعة التي هي من النحو الثاني تتم بجعل من الله تعالى. وليست لها طاعة ومعصية مستقلة عن طاعة الله ومعصيته.
وإلى ذلك تشير النصوص الواردة عن أولياء أمور المسلمين في أن طاعتهم من طاعة الله ومعصيتهم من معصية الله ومن أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله.
فليس لهؤلاء حق في الطاعة غير حق الله تعالى.