التمييز بين الشك في التكليف والشك في المكلف به:
التمييز بين الشك في التكليف والشك في المكلف به يسير في مقام المفهوم وعسير وصعب في موضع تشخيص وفرز مصاديق و مفردات الشك في التكليف عن الشك في المكلف به.
أما من حيث التمييز في المفهوم فإن الشك قد يكون في أصل التكليف كما لو شككنا في التكليف بزكاة مال التجارة مثلا. وقد يكون الشك في المكلف به وهو أمر آخر يختلف عن الشك في التكليف اختلافا واضحا ويكون فيه التكليف واضحا عند المكلف إلا أنه يشك في الخروج عن عهدة التكليف بامتثال ما يشك في كونه مصداقا للمكلف به بهذا التكليف، كما إذا شككنا في أن الصلاة المكلف بها ظهر يوم الجمعة هو الجمعة أم الظهر؟ أو الصلاة المكلف بها على نقطة رأس أربع فراسخ هي القصر أم التمام؟ فليس يشك المكلف أن عليه تكليفا من الله تعالى بالصلاة ظهر يوم الجمعة ولا يشك أن عليه تكليفا بالصلاة على رأس أربع فراسخ، ولكنه يشك في أن الذي كلفه الله تعالى (المكلف به) هو صلاة الجمعة أو الظهر في المورد الأول و القصر أو التمام في المورد الثاني.
وخلاصة الكلام في هذا التمييز أن الشك في المكلف به لا يكون إلا بعد العلم بالتكليف بينهما يشك المكلف في أصل التكليف في حالة الشك في التكليف، وهو أمر واضح.
إلا أن هذا التوضيح وحده لا يكفي في التمييز بين موارد الشك في التكليف والشك في المكلف به في المصاديق التي يشتبه أمرها بين هذين الشكين ولا بد أن يستخدم الفقيه المقاييس بدقة ليتمكن من فرز موارد البراءة عن موارد الاحتياط.