الحكمية التحريمية هو عدم التمييز الدقيق بين موارد الشك في التكليف والشك في المكلف به.
وقد استنبط الوحيد لحكم العقل في مورد الشك في التكليف قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) واستند إلى هذه القاعدة في كل مورد من موارد الشك في التكليف، كما استنبط لحكم العقل في مورد الشك في المكلف به قاعدة (الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني).
وقد نهج من جاء بعد الوحيد رحمه الله هذا النهج في الأصول العملية، ووضعوا هذا التمييز بين الشك في التكليف والشك في المكلف به أساسا للتمييز بين موارد البراءة العقلية والاحتياط العقلي، كما تمسكوا بهاتين القاعدتين، عدا الفقيه الشهيد الصدر رحمه الله الذي خالف المشهور من الأصوليين في التشكيك في القيمة العقلية لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
ولكن إذا كان الوحيد رحمه الله قد وضع مفتاح هذه المسألة الأصولية بيد علماء الأصول، فإن من الحق أن نقول: أن الشيخ الأنصاري رحمه الله كان أول من وضع هذين الأصلين، على أسس علمية متينة و قننهما وقعدهما على قواعد علمية محكمة، وبحثهما بحثا علميا مستوفيا ضمن منهجية علمية متينة لا تزال قائمة حتى اليوم.
ونحن فيما يلي نتحدث إن شاء الله حول كلمات الوحيد البهبهاني في التمييز بين موارد الشك في التكليف والشك في المكلف به. و جريان البراءة في الأول والاحتياط في الثاني والتمسك بقاعدة قبح العقاب بلا بيان في المورد الأول وبقاعدة الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني في المورد الثاني.