لذلك بقلبه ولا نطق به لسانه لكن تمادى على العمل بخلاف القرآن والسنة، فهو فاسق بعمله مؤمن بحقده، وقوله: ولا يجوز قبول نقل كافر ولا فاسق ولا شهادتهما، قال الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ) *. والآية.
وقد فرق بعض السلف بين الداعية وغير الداعية.
قال أبو محمد: وهذا خطأ فاحش، وقول بلا برهان، ولا يخلو المخالف للحق من أن يكون معذورا بأنه لم تقم عليه الحجة، أو غير معذور لأنه قامت عليه الحجة فإن كان معذورا فالداعية وغير الداعية سواء كلاهما معذور مأجور، وإن كان غير معذور، لأنه قد قامت عليه الحجة، فالداعية وغير الداعية سواء، وكلاهما إما كافر كما قدمنا، وإما فاسق كما وصفنا، وبالله تعالى التوفيق.
ولا فرق فيما ذكرنا بين من يخالف الحق بنحلة أو بفتيا إذا لم يفرق الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم بين ذلك، إنما قال: * (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) * عم عز وجل ولم يخص. قال بعضهم: إن الصحابة اختلفوا في الفتيا فلم ينكر بعضهم على بعض بل أنكروا على من خالف في ذلك، قلنا: ليس كما قلتم، إنما لم ينكروا على من لم تقم الحجة عليه في المسألة فقط. وأنكروا أشد الانكار على من خالف بعد قيام الحجة عليه، وكيف لم ينكروا وقد ضربوا على ذلك بالسيوف من خالفهم فأي إنكار أشد من هذا؟ أو ليس عمر قد قال: والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يموت حتى يكون آخرنا موتا، وليرجعن فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فما قدح هذا في عدالته، إذ قال مخطئا ثم رجع إلى الحق إذ سمع القرآن: * (إنك ميت وإنهم ميتون) * وإن المتمادي على هذا القول بعد قيام الحجة عليه كافر من جملة غالية السبائية، أو ليس ابن عباس يقول:
أما تخافون أن يخسف الله بكم الأرض أقول لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر. وكان إسحاق بن راهويه يقول فيما روى عنه محمد بن نصر المروزي في الامام، أنه سمعه يقول: من صح عنده حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم خالفه - يعني باعتقاده - فهو كافر.
قال أبو محمد: صدق والله إسحاق رحمه الله تعالى، وبهذا نقول وقد روي عن عمر أنه قتل رجلا أبى عن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي بحكم عمر، وكيف