بيعهم لا بد من إحداهما. وقد أعاذ الله عمر من خلاف الاجماع، وأما أنتم فأعلم بأنفسكم، وإقراركم بذلك على أنفسكم لازم لكم، ثم لو صح لكم أن عمر رضي الله عنه وكل من أجمعوا على ذلك فصار إجماعا للزمكم أن ابن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن الزبير، وزيد بن ثابت، خالفوا الاجماع وخلاف الاجماع عندكم كفر، فانظروا أي مضايق تقتحمون ومن أي أحواف تتساقطون؟ ولا بد من هذا أو من كذبكم في دعوى الاجماع على حكم عمر بذلك لا مخرج من أحدهما.
وأما نحن فدعوى الاجماع عندنا في مثل هذا إفك وكذب، وجرأة على التجليح بالكذب على جميع أهل الاسلام، ولا ينكر الوهم - بالاجتهاد، والخطأ مع قصد إلى طلب الحق والخير - على أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نقول في شئ من الدين إلا بنص قرآن أو سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نبالي من خالف في ذلك، ولا نتكثر بمن ولولا، وما، نا أحمد بن قاسم قال: نا أبو قاسم بن محمد بن قاسم، نا جدي قاسم بن أصبغ، نا مصعب بن محمد، نا عبيد الله بن عمر الرقي، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما ولدت مارية إبراهيم قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعتقها ولدها مع دلائل من نصوص أخرى ثابتة قد ذكرناها في كتاب الايصال. ما قلنا إلا ببيع أمها ت الأولاد، لكن السنة الثابتة لا يحل خلافها، وما نبالي خلاف ابن عباس لروايته، فقد يخالفها متأولا أنه خصوص، أو قد ينسى ما روي وما كلفنا الله تعالى قط أن نراعي أقوال القائلين، إنما أمرنا بقبول رواية النافرين ليتفقهوا في الدين المنذرين لمن خلفهم المؤمنين مما بلغهم وصح عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبالله تعالى التوفيق.
وأما دعواهم أن عثمان رضي الله عنه أسقط ستة أحرف من جملة الأحرف السبعة المنزل بها القرآن من عند الله عز وجل فعظيمة من عظائم الإفك والكذب، ويعيذ الله تعالى عثمان رضي الله عنه من الردة بعد الاسلام. ولقد أنكر أهل التعسف على عثمان رضي الله عنه أقل من هذا، مما لا نكره فيه أصلا، فكيف لو ظفروا له بمثل هذه العظيمة، ومعاذ الله من ذلك، وسواء عند كل ذي عقل