سعد النخعي قال: سمعت علي بن أبي طالب قال: ما كنت لأقيم حدا على أحد فيموت فأحد نفسي إلا صاحب الخمر، فإنه لو مات وديته، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه.
قال أبو محمد: فاعجبوا لعمى هذا الانسان، يعلل حديثا صحيحا لا مغمز فيه، بحديث مملوء عللا أولها: أن راويه مختلف فيه، مرة عمير بن سعيد، ومرة عمير بن سعد، ومرة نخعي، ومرة حنفي. ثم الطامة الكبرى كيف يجعل هذا المفتون حجة شيئا يخبر علي عن نفسه أنه يجد في نفسه ما لا يجد من سائر الحدود، فإن كان حقا وسنة، فلم يجد في نفسه أذى حتى يؤدي ديته إن مات من ذلك الجلد، وهلا وجد في نفسه ممن مات في سائر الحدود، وفي هذا كفاية، ثم معاذ الله أن يثبت علي في الدين ما لم يسنه عليه السلام، ثم لو صح لكان وجهه بينا، وهو أنه إنما يجد في الأربعين الزائدة التي جلدوها تعزيرا.
ثم نقول لهم: لو ادعى عليكم ههنا خلاف الاجماع: لصدق مدعي ذلك عليكم، لأنكم تقرون أن عمر أول من جلد في الخمر ثمانين، وقد كان استقر الاجماع قبله على أربعين، فقد أقررتم على أنفسكم بخلاف الاجماع، ونسبتم عمر إلى خلاف الاجماع، وقد أعاذه الله تعالى من ذلك، وأما أنتم فأنتم أعلم بأنفسكم، وإقراركم على أنفسكم لازم لكم، فإن لجأتم أي مراعاة انقراض العصر لزمكم مثله في جلد عثمان وعلي في الخمر أربعين بعدهم ولا فرق.
وأما أمهات الأولاد فكذبه في ذلك أفحش من كل كذب. لان عبد الله بن الربيع قال: ثنا محمد بن إسحاق بن السليم، ثنا ابن الأعرابي، ثنا أبو داود السجستاني، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد بن سلمة عن قيس بن سعد، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا، فهذا عمل الناس أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيام أبي بكر.