الغالب ولا يضر النادر، فللقول بجريان البراءة مجال، ولكنه خارج عن البحث، لان مآل البحث (ح) إلى الأقل والأكثر في نفس المأمور به، واما إذا قلنا بان الواجب هو تحصيل الطهور، ولكن وقع الشك في أن السبب هل هو نفس الغسل، أو هو مع اشتراط تقديم بعض الاجزاء كالرأس على غيره فلا محيص عن الاحتياط وإن كان المسبب تدريجي الحصول، فلو علمنا باشتراط صلاة الظهر بالطهارة وشككنا في حصوله بالغسلتان والمسحتان مطلقا أو مع شرط وكيفية خاصة، ودار الامر في المحصل (بالكسر) بين الأقل والأكثر فلا اشكال في عدم جريان البراءة من غير فرق بين كون العنوان البسيط الذي هو المأمور به ذا مراتب متفاوتة متدرج الحصول أو كونه دفعي الحصول، ولو علمنا بوجوب الطهور وشككنا في أن الحقيقة المتدرجة الوجود هل يحصل بمطلق الغسل أو بشرط آخر، كقصد الوجه مثلا أو غيره لزم الاحتياط وبالجملة فهذا التفصيل لا طائل تحته.
واليك تفصيلا آخر ذكره ذلك المحقق في كلامه وهو التفصيل بين كون العلم مقتضيا قابلا لاجراء الأصول في أطراف العلم أو علة تامة فعلى القول بجريان الأصول في أطراف العلم ما لم يمنع عنه مانع فيمكن ان يقال: إن الامر البسيط و إن كان له وجود واحد، الا ان له اعداما على نحو العموم البدلي، بانعدام كل واحد من اجزاء سببه، و (عليه) فبما ان الامر بالشئ مقتض عن النهى عن ضد، العام أعني ترك المأمور به واعدامه باعدام سببه (فح) ترك المأمور به عن قبل ترك الأقل مما يعلم تفصيلا حرمته، وعلم استحقاق العقوبة عليه، واما تركه الناشئ من ترك المشكوك جزئيته، فلم يعلم حرمته لعدم العلم بافضاء تركه إلى تركه. هذا وقد أجاب عنه بما هو مذكور في كلامه.
وأنت خبير بان التقريب المذكور لا يسمن ولا يغنى من جوع لان ما هو المأمور به مبين، والاجمال انما هو في متعلقه ومحققه وقد قامت الحجة على الواضح المبين ويجب في دائرة الإطاعة العلم بالبرائة عما اشتغل الذمة به، فكيف يحكم العقل بالاكتفاء مع الشك في الحصول والسقوط و