اتيان المأمور به الذي قامت الحجة عليه، ولو قيل بجريان البراءة في مورد فلابد من القول بجريانها في كل مورد.
واما التقريب: فيرد عليه أولا: انه لو كان المأمور بالذات مرددا بين عنوانين كالظهر والجمعة، فعلى القول باقتضائية العلم، يمكن للشارع ان يكتفى بأحدهما في مقام الامتثال، واما إذا كان المأمور به معلوم العنوان، مبين المفهوم، وقد تعلق الامر به وقامت الحجة على لزوم اتيانه، فالمأمور به معلوم تفصيلا ولا يمكن الترخيص في العلم التفصيلي وإن كان محصله مرددا بين الأقل والأكثر و (الحاصل) ليس المقام من قبيل العلم الاجمالي في المأمور به حتى يأتي فيه ما ذكر والعلم الاجمالي في المحصل (بالكسر) عين الشك في البراءة لا الشك في مقدار الاشتغال.
وثانيا ان هنا علما واحدا تفصيليا بحرمة ترك المأمور به المعلوم من غير ترديد، ومن أي طريق حصل ترك المأمور به أي سواء حصل بترك الأقل أو الأكثر، (فح) فالقول بان حرمة تركه من قبل ترك الأقل واما من قبل ترك الأكثر فمشكوك، أشبه شئ بالشعر فان حرمة ترك المأمور به معلوم مطلقا من أي سبب حصل سواء حصل بترك الأقل أو الأكثر، ومعه كيف يقال: من أن حرمة تركه من ناحية الأكثر مشكوك، فان العلم بحرمة تركه مطلقا يوجب سد باب جميع الاعدام المتيقنة أو المحتملة، وثالثا: ان هنا حجة واحدة وهو الامر الصادر من المولى القائم على وجوب المأمور به، واما النهى عن ترك المأمور به فعلى فرض صحة هذا النهى والنقل عن كونه عبثا ولغوا - فهو حجة عقلية ينتقل إليه العقل بعد التفطن بالملازمة بين الامر بالشئ والنهى عن تركه ولكن الحجة العقلية تابعة في السعة والضيق للامر المولوي، ولا يمكن أن يكون أوسع منه، فلو كان لازم أمر المولى، هو سد جميع أبواب الاعدام من قطعياتها ومحتملاتها فلا يمكن أن يكون مفاد الحجة العقلية مجوزا اعدامه من جانب واحد وهو ترك الأكثر.