وجود تكاليف فعلية لا يرضى الشارع بتركها كيف وجعل الحجية للامارات و الأصول أو امضى حجيتها، مع امكان مخالفتها للواقع أدل دليل على عدم فعليتها مطلقا ورضاء الشارع بتركها في موارد قيام الامارة على الخلاف إذ فعليتها مطلقا تستلزم وجوب العمل بالاحتياط حتى في موارد قيام الامارات والأصول، و (على هذا) لا معنى لتنجيز ما عدى مؤديات الامارات والأصول لعدم تعلق العلم بالتكليف الفعلي بل انما تعلق بخطابات قابلة للانطباق على مؤدياتها، ولهذا لا يلتزم الاخباري بلزوم الاحتياط عند قيام الامارة على نفى التكليف في مورد، فلو صح ما يدعيه من العلم الفعلي بالتكاليف الفعلية التي لا يرضى الشارع بتركها على أي حال لزم عليه الاحتياط في ذلك المورد، مع أنه لا يلتزم به، وهذا (أي التعبد بالامارات والأصول) أوضح دليل على عدم كون الاحكام بمثابة لا يرضى بتركها وان الشارع قد رفع اليد عنها في غير موارد الامارات والأصول من الشبهات.
استدلال آخر للاخباري وهو مسألة كون الأصل في الأشياء الحظر، وان العالم كله من سمائه وارضه مملوك لله، كما أن المكلف عبد له تعالى، فلابد أن يكون عامة أفعاله من حركة وسكون برضى منه، ودستور صادر عنه، وليس لاحد ان يتصرف في العالم بغير اذنه، لكون المتصرف (بالكسر) والمتصرف مملوكان لله وفيه: انه ان أريد من كون المكلف والعالم مملوكان لله بالملكية الاعتبارية الدائرة في سوق العقلاء فلا نسلمه بل لا وجه لاعتبار ملكية اعتبارية لله عز وجل فان اعتبارها لابد وأن يكون لأغراض حتى يقوم به المعيشة الاجتماعية، وهو سبحانه أعز وأعلى منه، وان أريد منه المالكية التكوينية، بمعنى ان الموجودات والكائنات صغيرها وكبيرها اثيرها وفلكيها كلها قائمة بإرادته، مخلوقة بمشيته، واقعة تحت قبضته تكوينا، فلا يمكن للعبد ان يتصرف في شئ الا باذنه التكويني وارادته وان العالم تحت قدرته قبضا وبسطا تصرفا