أدركه الكمال الاخر ودخل في مرتبة أخرى وصار جسما ناميا يدرك له جنس وفصل آخر فكلما زاد الشئ في تكامله ومدارجه، ينتزع في كل مرتبة، مفهوم من ذاته مغاير مع ما كان ينتزع قبل الوصول إليها ثم إذا فرضنا موجودا آخر مثل ذلك بحيث دخل في المدارج التي دخل فيها الموجود السابق، ينتزع منه في كل مرتبة مثل ما ينتزع من الاخر وهكذا في الثالث والرابع، (فح) فالمراد من الطبيعي هو المفاهيم المنتزعة عن الشئ باعتبار درجاته ومراتبه و (عليه) يتعدد الطبيعي بتعدد افراده إذ ينال العقل من كل فرد مفهوما مغايرا مع ما يناله من الاخر ولكن تغايرا بالعدد (فان قلت) يلزم على هذا أن يكون الطبيعي نفس الصور المنتزعة القائمة بالذهن ومع التقيد بالوجود الذهني كيف يكون حد الشئ الموجود في الخارج (قلت) التعبير بالانتزاع وما أشبهه لأجل تقريب المطلب، والا فهو بما انه أمر منتزع، موجود في وعاء الذهن من مراتب للوجود، ولا يعقل أن يكون حدا للموجود بل المهية هي الشئ الذي يراه الانسان تارة موجودا في الذهن واخرى موجودا في الخارج وثالثة غير موجود فيهما، ولكن العلم لا يتعلق بالمهية المجردة الا بلحاظها في الذهن وتجريدها عن سائر الخصوصيات ومع ذلك لا تكون مهية مجردة بل مختلطة بالوجود الذهني وبذلك يظهر ان المهية المحضة بلا شئ معه، لا ينالها الانسان، إذ الطريق إليه انما هو التصور والإدراك الذهني، وكلما تصورته فهو ينصبغ بالوجود وكلما جردته فقد أحليته، واما جعلها حد الشئ فإنما هو لأجل الغفلة عن الوجود الذهني وتحصله فيه (فح) إذا كان معنى الطبيعي هو المفهوم الذي ينتزعه الذهن من الشئ بحسب مواقفه أو ما يراه النفس موجودا في الخارج تارة وفي الذهن أخرى، فلا محالة لو فرض حصول مصداق (كزيد مثلا) لهذا الطبيعي في الخارج فقد وجد الطبيعي فيه بتمام شؤونه ولو فرض حصول مصداق ثان كخالد فقد وجد فيه الطبيعي بتمام اجزائه أيضا وهكذا لو فرض ثالث، فههنا افراد وانسانات بحسب عدد الافراد ويتكثر بتكثرها، فزيد انسان تام وخالد انسان تام آخر وهكذا الثالث لا انه حصة من الانسان أو جزء منه حتى يصير كل واحد من الافراد ناقصا في الانسانية، ويكون الانسان التام شيئا قائما مع هذه الافراد كما زعمه الرجل الهمداني (نعم) انسانية زيد غير انسانية خالد في الخارج وطبيعي الأول غير طبيعي الثاني تغايرا بالعدد ولكن
(٢٧٩)