البدلي غير صحيح، لان دلالة المطلق على الاطلاق ليس دلالة لفظية بل دلالة عقلية بخلاف العام فان دلالته على العموم لفظية لا عقلية، فالعالم يكون شموليا وبدليا لا المطلق واطلاقه (وتوضيحه) حسب ما يناسب المقام، انك قد عرفت ان اللفظ إذا وضع لمعنى لا يدل الا على نفس ما وضع له، ولا يمكن التجاوز به عنه إلى غيره، فلو كان اللفظ موضوعا للطبيعة لا يعقل (ح) دلالته على الخصوصيات والافراد والحالات، بل لابد في الدلالة عليها من دال لفظي آخر، و (اما) الاطلاق المستفاد من مقدمات الحكمة فليس دليلا لفظيا بل دليل عقلي وهو لا يجعل غير الدال دالا وغير الحاكي حاكيا (لان معنى الاطلاق) هو ان ما وقع تحت دائرة الحكم تمام الموضوع للحكم من غير دخالة قيد أو شرط، وعليه فالدال على ذلك هو العقل حيث يستكشف من عدم ذكر القيد في الكلام مع كونه في مقام البيان، ان تمام الموضوع هو ما وقع تحت دائرة الحكم (يرشدك إلى هذا) الاطلاق الموجود في كلام رب العزة، أحل الله البيع، حيث يدل على أن تمام الموضوع للحلية هو نفس طبيعة البيع لا افرادها، كما أن معنى الاطلاق في قول القائل أكرم عالما، هو ان تمام الموضوع لوجوب الاكرام هو العالم فقط، لا هو مع قيد آخر و (بالجملة) الذي يستفاد من الاطلاق ليس الا كون الواقع موضوعا للحكم تمام العلة لثبوته، واما الشمول والبدلية بمعنى كون الحكم شاملا لجميع الافراد أو فرد منها، أو بمعنى ان الطلب هل يسقط بايجاد فرد منها، أو بايجاد كلها (فغير مربوط) بالاطلاق بل لابد في استفادة أي واحد من الشمول والبدل من التماس دليل آخر غير الاطلاق فظهر: مما ذكرناه ان تقسيمه إلى الشمولي والبدلي باطل من رأسه فلا وجود لهما في الاطلاق حتى نبحث عن وجود المرجحات (نعم) لو جعلا من أقسام العموم الذي يدور دلالته مدار اللفظ، لكان لهذا التقسيم معنى محصل، لان الدال على العموم الشمولي في الألفاظ هو لفظ كل واللام وما أشبههما، وما يدل على العموم البدلي هو أي الاستفهامية و غيره! وقس عليه قولنا أكرم عالما فالدال على وجوب واحد غير معين من الافراد هو التنوين كما أن الدال على اجزاء كل واحد من الافراد وتساويها في الحكم وان الفقاهة مثلا لا خصوصية لها هو الاطلاق (فتلخص ان ما يستفاد من دوال آخر لا يجوز ان يجعل من مداليل
(١٨٧)