أيضا عاما محل تأمل. والظاهر أن صيغ الجموع موضوعة لنفس آحاد ما فوق الاثنين من مصاديق الجماعة لا أن نفس مفهوم الجماعة ما وضعت لها، فإذا دخلت عليها لام الجنس كانت اللام فيها إشارة إلى مطلق الجنس الحاصل في ضمن الأفراد، فتارة لا يلاحظ وجوده في ضمن المتعدد بل يكون الملحوظ مجرد الماهية فيكون مفاده كالمفرد المعرف به، كما تقول: فلان يركب الخيل أو لا أتزوج النساء، فإنه ليس المراد ركوبه لما زاد على الدابتين أو عدم تزويج ما زاد على الاثنتين منهن ولا مجاز في لفظ الجمع كما توهم على ما سنبينه إن شاء الله تعالى.
وتارة يلحظ الجنس من حيث وجوده فيما زاد على الاثنين وإرادة جنس الجماعة المفهوم من الجمع وإن أمكن إلا أنه كأنه بعيد عن اللفظ فظهر بذلك ما في كلامه - زيد في إكرامه - فلا تغفل.
واسم الجنس عبارة عن اللفظ الموضوع لتلك الماهية المطلقة من دون ملاحظة الأفراد والتعدد على ما هو ظاهر إطلاقاتهم فليس المثنى والمجموع من اسم الجنس وإن أشير بهما إلى الجنس - كما في لا أتزوج الثيبات فيما أشرنا إليه - وقد صرح بوضع أسماء الأجناس للماهية المطلقة غير واحد من محققي أهل العربية - كنجم الأئمة والأزهري - وهو ظاهر التفتازاني في مطوله. وذهب بعضهم إلى وضعه للفرد المنتشر - كالنكرة - والأول هو الأظهر، لتبادر نفس الجنس عند سماعه مجردا عن اللواحق الطارئة، ولأنه المفهوم منه عند دخول اللام عليه أو " لا " التي لنفي الجنس، ولو كان موضوعا للفرد المنتشر لكان مجازا أو موضوعا هناك بالوضع الجديد. وكلاهما في غاية البعد، إذ لا وجه لالتزام التجوز في مثله مع كثرته وعدم خروجه عن الظاهر - كما يظهر بالتأمل في الإطلاقات - والقول باختصاص وضعه بتلك الحال كأنه خروج عن ظاهر الطريقة في الأوضاع، ولا يرد ذلك في النكرة نظرا إلى كونها حقيقة في الفرد المنتشر، إذ يمكن أن يقال بكون نفس اللفظ فيها دالا على الجنس والتنوين على الخصوصية. فوضعه للجنس المطلق لا ينافي إطلاقه على الفرد مع دلالة شئ آخر على إرادة الخصوصية