عمومه في الصدق عليها - كما هو الحال في عموم المفاهيم الكلية كالإنسان والحيوان لمصاديقها - وهذا هو العموم الملحوظ عند أهل المعقول، وقد يدرج ذلك في المعنى الأول على أن يراد به شمول شئ لأشياء إما صدقا أو حصولا، وقد يطلق على شمول اللفظ في الدلالة لجميع جزئيات مدلوله أو أجزائه - حسب ما مر - فإن كان الكلام في تعيين مفاد العموم بحسب اللغة فمن الواضح الذي لا مجال للريب فيه كونه في اللغة بمعنى الشمول الصادق على الوجه الأول على نحو الحقيقة ولذا يصح الحكم بالعموم في تلك الموارد بحسب الإطلاقات العرفية على سبيل الحقيقة من غير ريبة، ولا يبعد القول بشموله للمعنى الثاني لشمول تلك المعاني لجزئياتها فالملحوظ في تلك المفاهيم والكليات عند أهل المعقول نحو من الشمول اللغوي إلا أنه على حسب ما اعتبروا من شمول المفهوم لجزئياته يعم المعاني وهو حينئذ لا يصدق على شمول اللفظ للمعنى قطعا. وقد يورد في المقام:
بأن شمول المطر للأماكن وشمول الخصب للبلاد وشمول الموت للأشخاص ونحوها ليس من حقيقة الشمول، فإن كل فرد منها يختص شخصا ومحلا فليس ذلك من حقيقة الشمول فيكون الإطلاق مجازا. وهو واضح الفساد، إذ ليس المقصود شمول الخصوصيات والأفراد بل المدعى شمول الكلي والقدر الجامع بينها للجميع وهو حاصل قطعا، وحينئذ فهذا المعنى غير حاصل بالنسبة إلى الألفاظ إذ لا حصول للألفاظ بالنسبة إلى معانيها.
نعم يتم ذلك بالنسبة إلى ملاحظة دلالتها عليها لشمول الدلالة حصولا بالنسبة إلى الكل وإن كان الكلام في العموم الاصطلاحي أعني استغراق اللفظ في دلالته على حسب ما مر، فمن الواضح أنه يخص الألفاظ ولا يثبت للمعاني فإن استغراق دلالة اللفظ على جزئيات مدلوله أو أجزائه كما هو المصطلح لا يعقل انفكاكه من اللفظ ولا يمكن إثباته للمعاني قطعا، وكون الاستغراق في الحقيقة وصفا للدلالة وهي غير اللفظ لا يقضي بكون استغراق دلالة اللفظ وصفا لغير اللفظ وهو ظاهر، فليس هناك معنى يصح وقوع النزاع فيه، فيمكن أن يعود النزاع هنا لفظيا كما نبه