مطلق الامر أعم من المبدل والبدل فلا أظن مدعي الدلالة على سقوط القضاء يدعي السقوط حتى بالنسبة إلى المبدل ولعل النزاع في هذه المسألة لفظي فإن الذي يقول بالاجزاء إنما يقول بالنظر إلى كل واحد من الأوامر بالنسبة إلى الحال التي وقع المأمور به عليها ومن يقول بعدمه إنما يقول بالنسبة إلى مطلق الامر الحاصل في ضمن البدل والمبدل الثالثة محل النزاع في هذه المسألة يحرر على وجهين الأول هو ان اتيان المأمور به على وجهه هل هو مسقط للتعبد به بمعنى انه لا يقتضي ذلك الامر فعله ثانيا قضاء أم لا والظاهر أن المخالف حينئذ يقول أنه لا مانع من اقتضائه فعله ثانيا قضاء في الجملة لا أنه لا بد ان يقتضي فعله ثانيا دائما كما لا يخفى والثاني أن يكون معنى إسقاط القضاء أنه لا يجوز أن يكون معه آخر يفعله ثانيا قضاء أو يجوز والظاهر أن النزاع على الثاني يكون لفظيا إذ لا يمكن إنكار إمكان ذلك فيعود النزاع في تسميته ذلك قضاء ونحن أيضا نسقط هذا التقرير ونجري في الاستدلال على التحرير الأول ونقرر الأدلة على ما يطابقه ثم إن هذا الكلام مع قطع النظر عن الخلاف الآتي في كون القضاء تابعا للأداء أو بفرض جديد فالخلاف يجري على القولين كما لا يخفى وكذلك مع قطع النظر عن كون الامر للطبيعة أو المرة أو التكرار إذ نفي المرة للغير إنما هو بالتنصيص وإسقاط القضاء على القول بالاجزاء إنما هو من جهة عدم الدليل إذ بعد حصول الاجزاء حصل الامتثال فلا امر يمتثل به ثانيا فيسقط لأنه تشريع وكذلك ثبوت فعله ثانيا في التكرار انما هو بالأصالة والتكرار فيما نحن فيه على القول بعدم دلالته على الاجزاء إنما هو من باب القضاء أو الإعادة الرابعة القضاء يطلق على خمسة معان الأول هو الفعل كقوله تعالى إذا قضيت الصلاة وإذا قضيتم مناسككم الثاني فعل ما فات في الوقت المحدود بعد ذلك الوقت سواء كان وجب عليه في الوقت كتارك الصلاة عمدا مع وجوبه عليه أم لم يجب كالنائم والناسي والحائض والمسافر في الصوم أو وجب على غيره كقضاء الولي وهذا هو المعنى المصطلح عليه المنصرف إليه الاطلاق الثالث استدراك ما تعين وقته إما بالشروع فيه كالاعتكاف أو بوجوبه فورا كالحج إذا أفسد فيطلق على المأتي به ثانيا القضاء وإن لم ينو به القضاء الرابع ما وقع مخالفا لبعض الأوضاع المعتبرة فيه كما يقال التشهد والسجدة يقضى بعد التسليم الخامس ما كان بصورة القضاء المصطلح عليه في فعله بعد خروج الوقت المحدود كقولهم الجمعة يقضى ظهرا إذا تمهد هذه المقدمات فنقول اختلف الأصوليون في أن إتيان المأمور به على وجهه هل يقتضي الاجزاء بمعنى سقوط القضاء بعد اتفاقهم على اقتضائه الامتثال على قوله المشهور نعم وخالف فيه أبو هاشم و عبد الجبار لنا أن الامر لا يقتضي إلا طلب المهية المطلقة
(١٣١)