معلوم وعدم الثبوت يكفي في ثبوت العدم غاية الامر جوازه وهو لا يفيد وقوعه فتأمل مع أن المجاز الأول أقرب وأشيع فهو أولى بالإرادة لا يقال يمكن القول بوجود ثمرة ضعيفة حينئذ نظير الثمرة الحاصلة في الفرق بين قول المعتزلة والأشاعرة في الواجب التخييري لان مورد الحكم هنا الفردان على التقديرين لا الطبيعة كما لا يخفى على المتأمل فتأمل ولم أقف على من ذهب إلى المذهب الذي ذكرته في مجازية التثنية والجمع من كونه من باب الاستعارة وأما في النفي فيظهر الكلام فيه مما مر وأنه حقيقة في نفي جميع أفراد مهية واحدة وإن التجوز فيه إنما يكون بإرادة فرد من أفراد المسمى بالعين مثلا فيكون خارجا عن المتنازع ويجري التكلف الذي ذكرته في التثنية والجمع من اعتبار الاستعارة ثم أن بعض من جوز استعمال المشترك في أكثر من معنى حقيقة أفرط في القول حتى قال أنه ظاهر في الجميع عند التجرد عن القرائن فلا إجمال عنده في المشترك عند التجرد عن القرينة واستدل على ذلك بقوله تعالى إن الله وملائكته يصلون على النبي وأن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس فإن الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار والسجود من الناس وضع الجبهة على الأرض ومن غيرهم على نهج أخر و أجيب عن ذلك بوجوه الأول منع ثبوت الحقيقة الشرعية فالمراد هو المعنى اللغوي أعني غاية الخضوع أو جعل ذلك من باب عموم الاشتراك لو سلم ثبوت الحقيقة الشرعية فيراد منه غاية الخضوع ومن الصلاة الاعتناء بإظهار الشرف والمراد من غاية الخضوع ما يعم الخضوع التكليفي والتكويني ولهذا لم يذكر في الآية جميع الناس مع ثبوت الخضوع التكويني في الكل الثاني أن ذلك مجاز لا حقيقة وهذا الجواب لا يتم على ما اخترناه الثالث أنه على فرض تسليم كون ذلك حقيقة أيضا لا يتم الاستدلال بهما على ظهورهما في إرادة الجميع عند التجرد عن القرائن إذ القرينة على إرادة الجميع هيهنا موجودة وأما حجج سائر المذاهب فيظهر بطلانها من ملاحظة ما ذكرنا واحتج من جوز الاستعمال حقيقة مطلقا بأن الموضوع له هو كل واحد من المعاني لا بشرط الوحدة ولا عدمها وهو متحقق في حال إرادة الواحد والأكثر والجواب عنه أن الموضوع له هو كل واحد من المعاني في حال الانفراد كما مر في المقدمات واحتج من جوز في المفرد مجازا وفي التثنية والجمع حقيقة أما على الجواز في المفرد فبأن المانع منتف لضعف ما تمسك به المائع كما سيجئ واما على كونه مجازا فيتبادر الوحدة منه عند الاطلاق فيكون الوحدة جزء للموضوع له فإذا استعمل فيه عاريا عن الوحدة فيكون مجازا لأنه استعمال اللفظ الموضوع للكل في الجزء وأما على كونه حقيقة في التثنية والجمع فبأنهما في قوة تكرار المفرد ولا
(٦٩)