وجه يوهم روايته عنه بلا واسطة مع أنه ليس كذلك فإن قال حدثني فهو كذب وهكذا إن أسقط عن السند رجلا مجروحا لتقوية الحديث أو يذكر بعض الرجال باسم أو لقب أو نسبة غير مشتهر به فإن كل ذلك قبيح مذموم إلا لأجل تقية أو غيرها من الاغراض الصحيحة ومنها المضطرب وهو ما اختلف فيه الرواية إما بالسند كأن يرويه تارة بواسطة وأخرى بدونها أو في المتن كحديث تمييز الدم المشتبه بدم الحيض والقرحة بأن خروجه عن الأيمن علامة الحيض كما في بعض النسخ أو عن الأيسر كما في الاخر ومنها المعلل وقد مر الإشارة إليه ومنها المقلوب وهو حديث يروى بطريق فيغير كل الطريق أو بعض رجاله ليرغب فيه وهو مردود إلا إذا كان سهوا فيغتفر عن صاحبه ومنها الموضوع وهو معلوم الثالث لابد لراوي الحديث من مستند يصح من جهته رواية الحديث ويقبل منه اما الرواية عن المعصوم عليه السلام فله وجوه أعلاها السماع ولفظه أن يقول سمعت العصوم عليه السلام يقول كذا واسمعني أو شافهني أو حدثني ثم إن يقول قال كذا لاحتمال كون السماع حينئذ بواسطة وإن كان خلاف الظاهر ثم أن يقول أمر بكذا ونهى عن كذا فإنه يحتمل مضافا إلى احتمال الواسطة الغفلة في فهم الأمر والنهي أو إطلاق الأمر والنهي على ما فهمه بالدلالة التبعية من النهي عن ضده أو الامر به وإن كان بعيدا وأما مثل أمرنا بكذا أو نهانا عن كذا ونحو ذلك بصيغة المجهول أو من السنة كذا أو قول الصحابي كنا نفعل كذا وأمثال ذلك فهي أدون الكل ويتبع العمل بها وقبولها الظهور من جهة القرائن وأما الرواية عن الراوي فله أيضا وجوه أعلاها السماع من الشيخ سواء كان بقرائة من كتابه أو بإملائه من حفظه فيقول سمعته أو حدثني أو أخبرني إن قصد الشيخ سماعه وإن قصد إسماع غيره فيقول حدث فلانا وأنا أسمع وعلل الشهيد رحمه الله كونه أعلا بأن الشيخ أعرف بوجوه ضبط الحديث وتأديته ولأنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسفيره إلى أمته والاخذ عنه كالأخذ منه ولأن النبي صلى الله عليه وآله أخبر الناس أولا وأسمعهم ما جاء به والتقرير على ما جرى بحضرته صلى الله عليه وآله أولى ولأن السامع أربط جأشا وأوعى قلبا وشغل القلب وتوزع الفكر إلى القارئ أسرع وفي صحيحة عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه الصلاة والسلام يجيئني القوم فيستمعون مني حديثكم فأضجر ولا أقوى قال فاقرء عليهم من أوله حديثا ومن وسطه حديثا ومن آخره حديثا فعدوله إلى قرائة هذه الأحاديث مع العجر يدل على أولويته من قرائة الراوي وإلا أمر بها انتهى وفي دلالة الصحيحة على مدعاه تأمل ظاهر ثم دونه القراءة على الشيخ مع إقراره به وتصريحه بالاعتراف بمضمونه ويسمى ذلك عرضا والظاهر أن يكون السكوت
(٤٨٨)